للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المصدر الرئيس للكآبة وعلاجه]

[السُّؤَالُ]

ـ[أعاني من كآبة لا أعرف مصدرها وأحس أحياناً بأني إنسان لا قيمة لي في الحياة ولا أعرف ما هو هدفي في الحياة وقد حاولت كثيراً تحديد هدف لي لكن لم أستطع وقد أدى ذلك إلى الكثير من المعاصي حتى بدأت أتساءل عن قيمة الصلاة أحياناً وأصبحت تاركاً لها مع العلم أني في نظر أهلي إنسان ناجح حيث إنني حالياً أدرس ماجستير في الإدارة ولم أرسب في حياتي ولكنني في نظر نفسي إنسان فاشل ولا أخفيكم بأنني لم أعد أحب هذه الحياة ولا أرغب بالعيش ومليء بطاقة سلبية وأفكار سيئة عن نفسي وبصراحة أقول لكم أنني لم أعد أحس بقيمة أي شيء وأصبحت شارد الذهن دوماً وقليل التركيز في دراستي ومتشائماً كثيراً وأشك بقدرتي على القيام بأي عمل. أرجو الإفادة وشكراً....]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أيها السائل أن الكآبة وضيق الصدر ناتجان عن مصدر واحد رئيسي يقع فيه العبد، وكلما أمعن العبد في ذلك المصدر وأغرق كلما ازداد كآبة وضيق صدر، ولا خلاص له من هذه المشكلة إلا بالابتعاد عن ذلك المصدر، وهذا المصدر باختصار هو البعد عن الله. قال الله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً {طه: ١٢٤} وقد فسر هذا الضنك بأنه الشقاء وضيق الصدر وذهاب الطمأنينة وعدم معرفة الإنسان هدفه في الحياة وشرود الذهب والتشاؤم، والتساؤل عن قيمة الصلاة وغير ذلك سببه المعاصي، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً {الأحزاب: ٣٦} وبالمقابل تأمل كيف أخبر الله تعالى بأن انشراح النفس وطمأنينتها يكون في ذكره، فقال تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: ٢٨} وتأمل كيف وعد الله عباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات بالحياة الهنيئة والمعيشة الطيبة فقال: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النحل:٩٧}

فإذا تبين لك أيها السائل هذا الأمر فاعلم أن مفتاح المشكلة صار بيدك، فأقبل على الله تعالى إقبالا صادقا واعمل بطاعته واجتنب معاصيه ولا تيأس، وستجد بإذن الله تعالى الطمأنينه وانشراح الصدر وستشعر أنك إنسان لك دورك المهم في هذه الحياة، وأنك خلقت لعبادة الله تعالى، وستخرج من النفق المظلم الذي أنت فيه، وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: ٢٦٨٠٦، والفتوى رقم: ٥٧٣٧٢، والفتوى رقم: ٥٤٦٠٤، وأخيرا الفتوى رقم: ٢٦٧١٤، في بيان خطوات عملية تبين بوضوح كيفية التوبة.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١١ جمادي الثانية ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>