للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تمويل مشاريع في الغرب بالربا لفائدة المسلمين ... رؤية شرعية]

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز تمويل مشروع اقتصادي في أوروبا بواسطة القروض البنكية.؟ ذلك أن المسلمين في هذه البلاد هم وحدهم الذين لا يمكنهم بناء استثمارات قوية إن لم يكن ذلك عن طريق التمويل من البنوك والمؤسسات المالية؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالقروض البنكية إن كانت بفائدة فهي الربا المحرم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو من كبائر الذنوب وموبقات الآثام، وصاحبه محارب لله ورسوله فليستعد لتلك الحرب، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:٢٧٩] .

وأخبر سبحانه عن جزائهم في الآخرة فقال: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:٢٧٥] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء. رواه مسلم.

فالربا وسيلة لفساد الدنيا والآخرة، أما الآخرة فكما سبق في الآيات والحديث من الوعيد لأكلة الربا، وأما الدنيا فقد أخبر الله عز وجل أنه يمحق الربا، فقال الله: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:٢٧٦] .

وقال تعالى: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [الروم:٣٩] .

فالربا عاقبته إلى قل وإن كثر، والمسلمون متعبدون بإقامة شرع الله والتزام دينه والوقوف عند حدوده، فهم وإن لاحت لهم الدنيا من حرام إنما يحجزهم عنها إيمانهم بالله وشرعه، لا كغيرهم من عباد الدنيا والأهواء الذين لا يؤمنون بحلال أو حرام، بل الحلال ما حل في أيديهم والحرام ما حرموا منه، ثم هم لا بالقليل يقنعون ولا بالكثير يشبعون، فكيف يليق بمسلم أن يقارن نفسه بهم أو يتشبه بفعالهم؟!!.

: أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [البقرة:٢٢١] .

هذا وننبه الأخ السائل إلى مراجعة الفتوى رقم:

٧١٤، ففيها حكم الإقامة في بلاد الكفار.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ رجب ١٤٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>