للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الشك في وجود الله]

[السُّؤَالُ]

ـ[أريد أن أؤمن بوجود الله ولكن يأتيني شك بوجوده. إني أتوقع أن الله موجود ولكن أخاف أن أكون من الكافرين وأخاف من عذاب الله. فهل أن يكون في قلبي مثقال ذرة من الإيمان يكفي. اشرح لي الإيمان؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن لم يؤمن بوجود الله تعالى فليس بمؤمن، وإن كان شاكا في وجوده فكذلك، لكن ما يعرض على القلب من شك في وجود الخالق على قسمين:

القسم الأول: أن يكون مجرد وساوس من الشيطان مع استقرار الإيمان في القلب، فالواجب في هذه الحالة دفع الوساوس، والاستعاذة بالله، وعدم الكلام بمقتضاها.

القسم الثاني: أن يستقر الشك في القلب، ولا يكون مجرد حديث نفس، بل يترتب عليه مقتضاه من قول أو فعل فهذا كفر بالله تعالى.

إذا ثبت هذا فإن كان حالك على ما ورد في القسم الأول فأنت مؤمن. ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: "ذاك صريح الإيمان ".

وبما أنك ذكرت أنك تخاف أن تكون من الكافرين وتخاف من عذاب الله، فهذا دليل على أنك مؤمن والحمد لله.

وعلى أية حال، فإن عليك أن تبادر إلى التوبة، وكيف يشك الإنسان في وجود خالقه، وكل هذا الكون بنظامه ودقته شاهد على وجوده. بل الإنسان نفسه أكبر دليل على وجود خالقه، فهو أوجد من العدم، ومر بمراحل وأطوار متعددة في بطن أمه، ثم خرج إلى هذا العالم وعاش أطوار حياته، فتم كل ذلك وفقا لسنن كونية ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، ومن هنا جاء التنبيه القرآني: وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ {الذاريات:٢١} . هذا من جانب.

ومن جانب آخر فإنه يستحيل عقلا أن يوجد شيء من تلقاء نفسه دون موجد له، ولتنظر إلى أبسط المخترعات الحديثة، الجهاز الإذاعي مثلا، هل من الممكن أن نتصور تجمع مادته بنفسها صدفة ليتكون منها هذا الجهاز البسيط؟ إذا كان هذا مستحيلا، فكيف يعقل أن نتصور وجود هذا العالم بكل هذه الدقة والنظام دون أن يكون له خالق له المنتهى في صفات الكمال؟!

ولنتدبر قول الله تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ {الطور:٣٥-٣٦} .

وأما طلبك شرح الإيمان فنحيلك في جوابه على فتوانا رقم: ١٢٥١٧.

ونسأل الله أن يقوي إيمانك، ويبعد عنك كل الشكوك.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٩ شوال ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>