للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم من دفع أرضأ لمن يزرعها والزرع على ما يتفقان عليه]

[السُّؤَالُ]

ـ[أخي المفتي لي أرض زراعية أُعطيها لفلاح يزرعها ويعطيني الربع من المحصول، ما حكم الشرع في ذلك، علما بأني لا أعطيه شيئا من المصاريف وهذا هو اتفاقنا، وقد سمعت أن هذه الشركة غير صحيحة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن دفع صاحب الأرضِ الأرضَ إلى من يزرعها ويعمل فيها والزرع بينهما أو حسب ما يتفقان عليه جائز عند أكثر أهل العلم، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: ٣٥٦٨٨.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والمزارعة جائزة في أصح قولي العلماء، وهي عمل المسلمين على عهد نبيهم وعهد خلفائه الراشدين، وعليها عمل آل أبي بكر وآل عمر وآل عثمان وآل علي وغيرهم من بيوت المهاجرين، وهي قول أكابر الصحابة كابن مسعود، وهي مذهب فقهاء الحديث كأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود بن علي والبخاري ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وأبي بكر بن المنذر وغيرهم، ومذهب الليث بن سعد وابن أبي ليلى وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وغيرهم من فقهاء المسلمين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر وزرع حتى مات ولم تزل تلك المعاملة حتى أجلاهم عمر عن خيبر، وكان قد شارطهم أن يعمروها من أموالهم وكان البذر منهم لا من النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان الصحيح من قولي العلماء أن البذر يجوز أن يكون من العامل، بل طائفة من الصحابة قالوا لا يكون البذر إلا من العامل، والذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من المخابرة وكراء الأرض قد جاء مفسراً بأنهم كانوا يشترطون لرب الأرض زرع بقعة معينة، ومثل هذا الشرط باطل بالنص وإجماع العلماء، وهو كما لو شرط في المضاربة لرب المال دراهم معينة فإن هذا لا يجوز بالاتفاق لأن المعاملة مبناها على العدل، وهذه المعاملات من جنس المشاركات، والمشاركة إنما تكون إذا كان لكل من الشريكين جزء شائع كالثلث والنصف....

وعليه، فلا حرج في مزارعة أرضك لهذا الفلاح، على أن لك ربع الخارج منها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٥ ربيع الثاني ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>