للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسائل في عمل المرأة ومساهمتها في النفقة]

[السُّؤَالُ]

ـ[إنّي متزوّج ولي بنتان أعمل موظّفا ومرتّبي لا بأس به. زوجتي موظّفة لكن مرتّبها أقلّ منّي. اتفقت معها أن تساهم في مصاريف البيت بـ ٢٥٠ دينارا (وهو يمثّل ثلث مرتّبها تقريبا) وأنا أدفع ٢٥٠ دينارا. إلاّ أنّها امتنعت بعد اتفاقنا على ذلك بدعوى أنّ الرّجال قوّامون على النّساء وبدعوى أنّ مرتّبي يفوق مرتّبها. فقلت لها أنت تعرفين أنّي غير مبذر وأنّي لا أصرف باقي مرتّبي في ملذاتي الخّاصة وإنّما أدّخر الباقي لأشتري به بيتا لبناتي وابني الرّضيع الّذي أنجبته دون استشارتي ودون موافقتي خصوصا وأنّي متقدّم في السنّ وأنّ هذا الابن أنجبته حسب تعليمات من أهلها وبعد سنين عديدة من زواجنا.

أمّا مرتّبها فهي تصرفه في شراء الملابس الفاخرة لها وشراء المصوغات والهدايا الثّمينة لجميع أفراد عائلتها مع العلم أنّ حالتهم الماديّة ميسورة. وقد قالت لي أنّها لا يهمّها من مستقبل الأولاد وإنّما تريد أن تعيش، كما قالت لي أنّها تدعو عليّ في صلاتها لأنّي لا أريد أن أتكفّل بجميع مصاريف البيت. وقد أصبحت تخرج بدون إذن منّي ولا أدري أين هي تذهب وتبقى الأيّام عند أهلها هي والأولاد لإغاظتي وتركي في البيت وحدي وتعتبر أنّ ذلك يدخل في قوّة شخصيّتها كما تلقى التّشجيع من أبويها اللّذين يشجّعانها على التّمرّد والعصيان وهي تقضي معظم أوقاتها خارج البيت متنقّلة بين بيت أبويها وبيوت أقاربها وصديقاتها والمنتزهات علاوة عن سوء أخلاقها وقلّة أدبها وسلاطة لسانها.

والسؤال:

١) ما حكم الشّرع في هذه الزّوجة؟

٢) هل من حقّي أن أطلب منها ترك العمل والعناية بأبنائها على أن أتولّى الإنفاق على العائلة وحدي؟

٣) هل من حقّها أن لا تساهم في الإنفاق وتهمل البيت والأولاد وتتجاهل حقوقي مع العلم أنّ القانون التّونسي يشترط على الزّوجة عند كتب القران أن تساهم في الإنفاق إذا كان لها دخل قار؟

٤) هل من حقّي أن أطالبها بالمساهمة في الإنفاق مقابل إهمالها لأسرتها وسماحي لها بالخروج من البيت للعمل.

٥) هل من حقّها أن ترتدي ملابس خليعة أمام بناتها المراهقات بحجّة أنّ الإسلام لا يمنعها من ذلك داخل البيت.

أرجو أن تجيبوني بوضوح حتّى أتبيّن ما لي وما عليّ وجزاكم الله خيرا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الجواب على أسئلتك هذه يحتاج إلى تفصيل، وهذا يقتضي أن نذكر الحقوق التي لك على زوجتك والتي لزوجتك عليك، فمن الحقوق التي لك على زوجتك:

-أنه لا يجوز لها أن تخرج من بيتك بغير إذنك إلا للضرورة وقد فصلنا ذلك في الفتاوى التالية: ٧٩٩٦، ٣٣٩٦٩، ٢١٠١٦، ١٨٦٨٨ فراجعها، ومن باب أولى لا يجوز لها المبيت خارج بيتك إلا برضاك، فإذا خرجت من البيت رغم منعك لها من ذلك فإنها تكون بذلك ناشزا؛ كما بينا ذلك في الفتوى رقم: ٩٩٠٤ والفتوى رقم: ٣٠٤٦٣ وقد بينا شروط خروج المرأة لزيارة أقاربها في الفتاوى التالية: ٤١٨٥، ٥٩٥٤٨، ٢٤٤٠٠

- لك الحق في منعها من العمل، ولا يجوز لها حينئذ العمل ولا الخروج له بغير إذنك؛ إلا إذا كنت معسرا غير قادر على النفقة عليها وعلى أولادكما أو امتنعتَ من ذلك فيجوز لها حينئذ الخروج للعمل دون إذنك؛ كما فصلنا ذلك في الفتوى رقم: ١٩٦٨٠ والفتوى رقم: ٤٢٥١٨ كما ينبه على أن جواز عملها مشروط بخلو العمل من المخالفات الشرعية، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: ٩٧٠٨ والفتوى رقم: ٨٥٢٨.

وأما إذا كنت غير معسر وغير ممتنع عن النفقة عليها ومع ذلك تريد هي أن تعمل فلك أن تشترط مشاركتها في نفقة البيت مقابل موافقتك على عملها، فإذا وافقت زوجتك على ذلك فيجب عليها الالتزام بما اتفقتما عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصصحه الترمذي والسيوطي والألباني، وراجع الفتوى رقم: ١٩٦٨٠.

وأما الحقوق التي لزوجتك عليك فإن لها أن تتصرف في راتبها في أي وجه من أوجه الحلال ما دام عملها برضاك وبدون شرط أن تصرف هي على البيت، فلها أن تنفق على أهلها منه وليس لك أن تأخذ من مالها شيئا إلا بطيب نفس منها، أو كان بشرط سابق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: ٤٢٥١٨ ومن حقها أن لا تساهم في الإنفاق على البيت لأن النفقة على الزوجة وعلى شؤون البيت واجبة على الزوج، لقوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء: ٣٤} ولقوله: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة: ٢٣٣}

وراجع في ذلك الفتوى رقم: ٣٣٨٩٨ والفتوى رقم: ١٩٤٥٣.

وينبغي للزوجين في مسألة النفقة أن يتعاملا بالتسامح من كل طرف حتى تستقيم الحياة الزوجية وتبتعد عن الخلاف والشقاق.

وأما بخصوص لباس المرأة أمام النساء فقد تقدم الكلام عنه في الفتاوى التالية: ٢٨٤، ١٢٦٥، ٨٧٠٣ فراجعها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٨ جمادي الأولى ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>