للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[كره الزوج وإعساره يبيحان طلب الطلاق أو الخلع]

[السُّؤَالُ]

ـ[بسم الله الرحمن الرحيم

أنا سيدة أبلغ من العمر ٤٢ عاماً ومتزوجة منذ عشرين عاماً وعندي ثلاثة أبناء أكبرهم في الجامعة وهو الولد أما البنتان ففي الابتدائي والاعدادي

مشكلتي يا سيدي مع زوجي منذ بداية الخطوبة وأقول لك الخطوبة وليس الزواج، لأنه فعلاً منذ بداية الخطوبة ونحن نتشاجر ونتخاصم وللأسف الشديد رغم عدم اتفاقنا اكتملت الخطبة لا لشيء إلا خوف قول الناس عني إني خطبت وفسخت الخطوبة، كنت وقتها عندي ١٨ عاما وكنت أعمل لكلام الناس ألف حساب للأسف يا سيدي قلة الخبرة وقلة العقل. لك أن تتخيل يا سيدي حياة اثنين تزوجا وليس بينهما أي تفاهم ولا حتى حب

نعم ليس هناك حب من ناحيتي وهولا يشعر بأنه يحبني إلا في أوقات معينة وهي التي يريد مني فيها شيئا، وغير ذلك لا أرى منه غير السخرية من كل شيء على الرغم من أني في أغلب الأوقات أحاول أن أرضيه بمعاملة أو بتغيير شكلي ومن أي شيء أفعله. هذا غير أنه إنسان غير ناجح في مجال عمله، فما إن يعمل بمكان حتى يفتعل المشاجرات مع كل من حوله ويترك العمل ويجلس في المنزل بالشهور وأحياناُ بالسنة وطبعاً لا يوجد

أي مورد للفلوس سوى السلف من كل من يعرفه سواء أشقاؤه أو أصدقاؤه ومرت علينا ٢٠ عاماً على هذا النحو مشاجرات ومشاحنات وخصام يدوم بالشهر والشهرين، غير أنه إنسان كذاب إلى أبعد مدى يكذب على كل من حوله لدرجة أني فقدت الثقة به إلى أبعد مدى. هذا مع أنه يترك الصلاة بالأيام وينتظم يوما أو يومين فقط ويتركها وكلمته كثيرا على موضوع الصلاة أحياناً بلطف وصبر عليه وأحيانا بمنع نفسي عنه، والآن يا سيدي ترك العمل منذ ٨ شهور وهو جالس في المنزل بلا عمل وأيضاً رفض أن أعمل أنا، والمشكلة يا سيدي الفاضل الآن أني وصلت لمرحلة من الكراهة وعدم الاحترام له وعدم الثقة به لدرجة أني لا أطيق النظر في وجهه ولا حتى سماع صوته، وهذا طبعا جعلني أرفضه كلما أتى إلي ليكلمني أو يطلب مني شيئا نحن على هذا الحال منذ ٦ أشهر إنني أشعر بذنب كبير جدا وأعلم أن الملائكة تلعنني في كل وقت لكن والله العظيم الأمر فوق إرادتي

لأني أكرهه أكرهه فكيف بالله عليك ألبي طلبه، طلبت منه أن ننفصل بهدوء ويتزوج هو ويبتعد عني لكنه رفض.أنا لا أعرف أين أذهب لو حدث وانفصلنا ولا من أين أنفق على نفسي، ورغم هذا أريد أن أنفصل عنه بأي طريقة لأني لن أستطيع أن أعطيه حقه. شعوري بالذنب يكاد يقتلني من كثرة البكاء والإحساس بعدم رضا الله عني رغم أني سيدة منقبة وأصلي وأقوم الليل أحياناً وأقرأ القرآن وأدعو ربي دائما. فماذا أفعل مع العلم أن أولادي كلهم متفهمون لما يحدث ويعلموا جيدا كلما أعانيه مع والدهم.

أعلم أنك سوف تقول لي اصبري وأنا على استعدادا أن أقعد مع أولادي لكي أربيهم فهم كل شيء في حياتي ولكن بعيداً عنه لا أعرف كيف.

بالله عليك ماذا أفعل وبماذا تنصحني أستحلفك بالله أن تهتم برسالتي لأني أعيش في عذاب بسبب إحساسي بعدم رضا ربي عني.

جزاك الله عنا كل خير.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله تعالى يقول: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً {الروم: ٢٠} فأساس الحياة الزوجية هو المودة والرحمة والاحترام المتبادل، فإذا فقدت هذه الأمور وصار كل من الزوجين أو أحدهما لا يطيق الآخر، ويكرهه، ولا يستطيع القيام بحقوقه، فالفراق هنا خير، فقد قال الله عز وجل، وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا [النساء: ١٣٠] ، فللزوجة في هذه الحال أن تطلب الطلاق من الزوج، ولها مخالعته على مؤخر الصداق أو ما يتفقان عليه، وإذا لم يرض الزوج بتسريحها بإحسان فلها رفع الأمر إلى القاضي، ودليل ذلك حديث امرأة ثابت بن قيس وقولها ولكن أكره الكفر في الإسلام، وسبق بيانه في الفتوى رقم: ٣٢٠٠،

كما أن إصرار الزوج على ترك الصلاة في الغالب وكثرة الكذب، دليل على ضعف دينه، وهذا سبب آخر يبيح للزوجة طلب الطلاق، وسبق بيانه في الفتوى رقم ٧٠٧٢٣

غير أن هذا ليس عذرا للزوجة في الامتناع عن فراش الزوج وطاعته في المعروف، وسبق بيانه في الفتوى رقم: ١٠٧١٤

كما أن بطالة الزوج وقعوده بلا عمل إذا أدى إلى عجزه عن الإنفاق على الزوجة فلها طلب النفقة، فإذا أعسر بها، فلها رفعه إلى القاضي ليطلقها عليه، وتراجع الفتوى رقم: ٨٢٩٩

فإذا لم يكن للزوجة كحال السائلة ملجأ تلجأ إليه، ولا عائل يعولها، ولا تستطيع إعالة نفسها، فليس أمامها خيار غير الصبر، واحتساب الأجر، والإكثار من الدعاء حتى يجعل الله لها فرجا ومخرجا، ويهيئ لها من أمرها رشدا.

ونذكر الأخت بأن زواجها بهذا الرجل أمر قد كتبه الله عليها قبل أن يخلقها. وقد ورد في الحديث: ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. رواه ابن حبان في صحيحه، ولعل فيه خيرا لها وهي لا تعلم. قال الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ {البقرة:٢١٦} وقال سبحانه: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:١٩] فننصحها بالرضا بما قسم الله، والصبر على قضائه، وفي الحديث: فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ محرم ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>