للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[نصيحة للأخ الدائن لأخيه]

[السُّؤَالُ]

ـ[أخي أقرضته مبلغا من المال منذ سنتين أو يزيد وهو يماطل في أدائه إلي علما أنه لم يرد لي شيئا حتى الآن وأنا ولله محتاج ومقبل على الزواج إن شاء الله وأنا أخاف من عاقبة ذلك حيث كلما فكرت في ما سيحصل من قطيعة بيني وبينه إن لم يعطني مالي حيث أني بذلت جهدا ووقتا طويلا لأجمع هذا المال أفيدوني جزاكم الله خيرا في حل مشاكلي بدون قطيعة رحم. وشكرا جزيلا على ما تقدمونه من جهد جاهد لخدمة الإسلام والمسلمين]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: ١} . وقال: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: ٥٨} . ونحو ذلك من الآيات والأحاديث الأمرة بالوفاء عموماً وبسداد الدين خصوصاً. والواجب على من اقترض قرضا من أخيه المسلم أن يرده إليه ولا يما طل في سداده، فإذا كان المدين معسراً فليس للدائن إلا إنظاره، كما قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة: ٢٨٠} . فإذا أراد الدائن أن يعظم أجره ويزداد ثوابه فليعف عنه فذلك مستحب لقوله تعالى: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: ٢٨٠} . وقال: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة: ٢٣٧} .

ولذا فإننا نقول للأخ الدائن لأخيه: إذا كان أخوك معسراً فلتصبر عليه حتى يوسر، وإن كان موسراً فلتطلب منه حقك بالمعروف، دون إيذائه أو قطيعة لرحمه. فإن أبى أخوك إلا المماطلة مع يسره، ووجدت أن إصرارك على استيفاء الدين سيؤدي إلى قطيعة الرحم، فبقاء الرحم موصولة خير من متاع من الدنيا زائل، وهذا لا ينفي حصولك على حقك في المستقبل باستخدام السبل التي لا تؤثر على الرحم بالقطيعة إذ يمكنك أن توسط أهل الخير بينك وبينه، وأن تنصحه بالكلام اللين، وأن تتودد إليه بالهدية ونحوها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٦ محرم ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>