للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل معارضة الوالدين لزواج ابنهما من مطلقة معتبرة شرعا أم لا؟]

[السُّؤَالُ]

ـ[أعجبت بفتاة متدينة تعمل ممرضة حيث أبوها فقير والحالة المادية لا تسمح بدخولها الثانوية واستكمال دراستها الجامعية، إلا أنها بعد أن اعتمدت على نفسها انتسبت للجامعة، وهى الآن تدرس الحقوق، خصوصا بعد أن رأت الطمع في أعين الناس وهى بهذه المهنة، وخصوصا وأنها جميلة الملامح بريئة المظهر، فسألت عنها: فتبين أنها مطلقة مرتين، وعرفت السبب، الأول: كان معمولا لها سحرا أسود، لأنها رفضت أن تتزوج ابن هذا الشخص فتم الطلاق الأول، ولم تكتشف موضوع السحر هذا إلا بعد الطلاق على يد شيخ متدين عالم بهذه الأمور والأعراض التي كانت تنتابها فأصبحت مطلقة، ثم تقدم لخطبتها مهندس صيانة يعمل في شركة بحرية وكعادة الصعايدة لم يهتموا بأمرها سوى أنها مطلقة وهو مهندس يعنى: أنها لن تلاقي أحسن من هذا حتى لم يكلفوا أنفسهم بالسؤال عنه أو عن أهله، فتبين لها بعد الزواج أنه بخيل جدا إلا أن ذلك لم يكن داعيا لطلب الطلاق، الطامة الكبرى التي حطمتها: أنه ديوث لا يغار عليها إطلاقا بل على العكس أباح لها أن تذهب وتخرج وتعود حيثما شاءت مقابل أن لا تطلب منه شيئا أبدا، مع العلم بأنه طلب منها أن تأخذ إجازة بدون مرتب وأصبحت لا دخل لها إطلاقا، فذهبت إلى بيت أبيها في البلد حتى تتمكن من الحفاظ على نفسها، بعدأن عاشت في مدينة مباح فيها كل شيء ـ الأقصرـ وبعد أن أنجبت بنتا عمرها الآن أربع سنوات، لم يكلف نفسه أبدا أن يسأل عنها أو حتى عن بنته، ومع ذلك أصر أهلها أن تعود إليه، ومن هنا بدأت رحلة العذاب: سب وشتائم وخمرة وشرب شيشة إلى غاية الفجر مع أصحابه، ومن شدة خوفها على نفسها كانت تغلق باب ـ غرفة النوم ـ على نفسها بالمفتاح خوفا من غدر أصحابه، فطلبت الطلاق فرفض وقال لها: ستظلين هكذا مثل: البيت الوقف ـ لا طايلة سما ولا أرض ـ المهم تم الطلاق بعد سنوات من العذاب والذهاب للمحاكم، علما بأنه لم ير ابنتة حتى الآن وتركها لها لسبب هو ـ ذكره شخصياـ حتى لا تتزوج من آخر ـ الرجل لا يرضى بعيال امرأته ـ المهم أنا رأيتها وأعجبت بها وبأدبها وعفتها، خصوصا بعد معرفة الآتي: أول ما جئت إلى المستشفى كانت شغالة في الدورالأرضي وطبعا كانوا كلهم ينظرون إليها ويراقبونها، خصوصا بعد ماعرفوا أنها مطلقة، وأصحاب النفوس المريضة خيل إليهم أنها من الممكن أن تعمل لهم ما يريدونه، فطلبت من الدكتورة ـ مديرة المستشفي ـ أن تطلعها فوق في قسم الطفل المريض ـ أولا: لأنه قسم شغال ليس فيه تهريج مثل: تحت، وثانيا بعيدة عن أعين الناس كانت تأتي الساعة ٨ توقع وتصعد ـ فوق ـ ولا تنزل إلا ساعة الانصراف، والكل يشهد بهذا، المهم أعجبت بها أكثر، إنسانة كافحت وصانت نفسها وسط حفنة من الذئاب لا يرحمون، فعرضت عليها الزواج فقالت لى الموضوع صعب، خصوصا أنني دكتور صيدلي ولم أتزوج من قبل، فلما ألححت في الطلب طلبت مني أن أصلي صلاة الاستخارة وفعلا صليتها وأحسست براحة تامة وأن شيئا ما بداخلي يقول لي إنني على صواب، ففاتحت أهلي وهنا حصلت الصدمة: والدي ووالدتي معارضان أشد المعارضة بجحة أنني لم أتزوج من قبل ـ وبعد ذلك ـ كيف دكتور يتزوج بممرضة؟ وأصررت على رأيي وهنا أتيت بأهلي جميعا وكانوا على نفس عناد والدي، والمشكلة أنني أنا الدكتور الوحيد في ـ العائلة ـ والكل يريد أن يفرح بزفافي، اتسع الموضوع والجميع في بلدنا وفي بلدهم اتهموها بأنها عملت لي عملا ـ والعياذ بالله ـ والحق يقال: إنني كنت أعلم أنها بريئة من ذلك، إلا أنني ذهبت إلى أحد المشايخ، فقال لى: يابنى أنت ليس فيك شيء لا سحر وهذا كلام فاضي، طبعا والدي لم يسكت جلس يشتمها ويتهمها اتهامات فظيعة ـ والله سبحانه وحده يعلم ـ ثم أنا أعلم: أنها بريئة منه، لدرجة أنني قلت لهم: لو هي كانت مثل ما تقولون وطلبت منها هذه الحاجة في الحرام ـ والعياذ بالله ـ لا هي كانت ستخسر حاجة ولا أنا لكن سأخسر ربنا سبحان الله لكن لما أطلبها في الحلال الدنيا تقوم ولا تقعد ـ فعلا القيامة قامت ـ المهم: لها خمس سنين في المستشفي ولم يسجل أحد عليها غلطة، لكن بعد ما حصل في موضوعنا هذا كل الناس تتهمها هي وأنها تنظر لفوق ـ قوىـ عمى يشتغل معنا في المستشفي ويقولى إنه ـ يصبح عليها ـ ولا ترد، ظللت أضحك وأقول له ترد عليك بصفتك من؟ هذه إنسانة عفيفة وأيضا ليست فيه فائدة، المهم قررت الزواج منها، خصوصا بعد الكلام الذي قيل عنها وسمعتها التي حافظت عليها طوال عمرها، رغم كلام الناس الذي ـ بجدية ـ يترك الإنسان ينحرف، والدي اتهمني بالعقوق، لأنه غير موافق على الزواج، لأنها ليست من مقامنا، فهل كلامه صحيح أنني أنا هكذا عققته وخليت رقبته بين الناس في الأرض؟ رغم أنني في مرة وأنا بين الحلم واليقظة سمعت صوتا ضخما عظيما ـ أجش ـ يقول لى اثبت، أفيدوني أفادكم الله، والدي لايريد أن يقتنع بها أبدا لأنها مطلقة مرتين ومن الممكن أن تعمل أي حاجة، وليس هناك شيء من الممكن أن يردعها، لأنها ليست بكرا ـ فاكرـ على أساس أن البكارة حصن أمان للرجل قبل ما تكون للنساء.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن ذكرنا في العديد من الفتاوى أنه لا يجوز للأب أن يمنع ابنه من الزواج بمن يريد إذا كانت صاحبة دين وخلق، ولم يكن هناك مفسدة من الزواج بها، ويراجع في ذلك الفتوى: ١٧٣٧

فعليك أن تُعلم والدك بذلك، وتذكره أن الحياة الأسرية أمر خطير ينبغي أن يحاط بما يضمن دوامه واستقراره، ومن ذلك أن يتزوج الرجل بمن يرغبها وتتزوج المرأة بمن ترغبه، ثم أعلمه أن الدين والخلق هما المعيار الحقيقي الذي ينبغي أن يقوّم الناس على أساسه، وأن ما سوى هذا من مال أو جاه ونحوهما هو من متاع الدنيا الزائل وعرضها الفاني.

فإن أصر الأب على موقفه فإنا ننصحك بترك الزواج من هذه الفتاة طاعة لوالدك وحرصا على بره وحفاظا على ترابط الأسرة.

لكن إن خفت على نفسك حصول ضرر لك في دنياك أو فتنة لك في دينك بسبب ترك الزواج بهذه المرأة، وكان رفض أبيك لمجرد هذه الأسباب المذكورة ولم يكن هناك سبب آخر معتبر فلا حرج عليك حينئذ في الزواج بها ولو لم يوافقك أبوك.

ولكن عليك بعد ذلك أن تجتهد في استرضائه وبره وصلته.

وهذا كله إن لم تكن قد عقدت عليها بالفعل، فإن كنت قد عقدت عليها بالفعل فلا ننصحك بطلاقها مادامت ذات خلق ودين.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١١ شعبان ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>