للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل يثاب الكافر على ما فعل من خير]

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يثاب الكفار على فعل الخير، بدليل قوله تعالى: {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه} ؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ما عمله الكفار من أعمال الخير يثابون عليه في الدنيا وليس لهم في الآخرة من نصيب، كما قال الله تعالى في شأنهم: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا {الفرقان:٢٣} ، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها. وانظر للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: ٤٤١٦.

وأما معنى الآية الكريمة فيفهم من بداية سياقها وهو قول الله تبارك وتعالى: لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ {آل عمران:١١٣} ، ففي تفسير ابن كثير: أن هذه الآيات نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام وأسد بن عبيد وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وغيرهم، أي لا يستوي من تقدم ذكرهم بالذم من أهل الكتاب، وهؤلاء الذين أسلموا، ولهذا قال الله تعالى: لَيْسُواْ سَوَاء. أي ليسو كلهم على حد سواء، بل منهم المؤمن ومنهم المجرم، ولهذا قال تعالى: مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ. أي قائمة بأمر الله مطيعة لشرعه، متبعة نبي الله، فهي قائمة يعني مستقيمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون أي يقومون بالليل ويكثرون التهجد، ويتلون القرآن في صلواتهم يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين وهؤلاء هم المذكورون في آخر السورة وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله، ولهذا قال تعالى ههنا: وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ. أي لا يضيع عند الله، بل يجزيهم به أوفر الجزاء.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٢ صفر ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>