للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[يباح الربا للضرورة ولا ضرورة هنا]

[السُّؤَالُ]

ـ[موضوع القرض:

فإنني بحمد الله تعالى قد وفقت مع أخي في شراء بيت ثلاثة طوابق، قمنا بإعادة ترتيبه بحيث يكون فندقا، وقد كنا نتصور أن المال الموجود لدينا يكفي لتجهيز المرحلة الأولى والأهم من المشروع ككل، بحيث يتم تجهيز المقهى التابع للفندق والطابق الأول للسكن، لكن متطلبات الجهات الحكومية اضطرتنا أن نغير الكثير من الأشياء ونزيد في حجم التكسير والبناء، وقد انتهت للأسف المبالغ التي لدينا.. وقد حاولت أن أجد من المسلمين من يقرضنا مبلغا بحيث أستطيع أن أكمل المرحلة وأرد المبلغ في حدود السنة الأولى.. ثم بحثت عمن يمكن أن يدخل معنا في استثمار لمدة معينة بحيث يتم إرجاع المبلغ المدفوع زائد النسبة المتفق عليها.. ثم حاولت طرق أبواب البنوك الإسلامية ولكن للأسف لم أجد من يسمع لي ولا من يعطيني غير البنوك الربوية التي تفتح لنا أحضانها بدون حتى أن نطلب منها، وأذكر بأننا بالفعل قد وضعنا كل ما لدينا وترك المشروع بهذه الصفة هو لا شك خسارة كبيرة من الناحية المادية.. فهل يجوز في مثل هذه الحالات ونحن موجودون ومستوطنون في بلاد الغرب ومشروعنا في هذه البلاد أن نأخذ قرضا من البنوك الربوية أم ماذا ترون من حل، والذي زاد من حيرتي هو الحديث في الفتوى الصادرة عن مجلس الافتاء الأوروبي الخاصة بمسألة شراء بيوت من خلال قروض البنوك أن المشكلة التي تطرح هي في الذي يطلب الربا وليس في المسلم المضطر الذي يدفع هذه النسبة.. أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبهك بداية إلى أمرين:

الأول: أنه لا يجوز إنشاء الفندق، الذي يكون وكراً للفساد والشر حيث تشرب فيه الخمور وتمارس الفاحشة وتقام الحفلات الماجنة المشتملة على الخلاعة والرقص والمعازف والاختلاط بين الرجال والنساء ... إلى غير ذلك مما لا يخفى، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:٢} ، وراجع للأهمية الفتوى رقم: ٤٦٢٦٣.

الثاني: أنه لا يجوز استثمار المال بفائدة محددة، كما لا يجوز ضمان رأس المال المستثمر، لأن ذلك يجعل المال المستثمر عبارة عن قرض ربوي بفائدة، وراجع للتفصيل والفائدة الفتوى رقم: ٥١٦٠، والفتوى رقم: ٥٠٢٥٢.

واعلم أنه لا يجوز للمسلم أن يقترض بالربا، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة:٢٧٨-٢٧٩} ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه: لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء.

ومحل عدم الجواز ما لم تكن هناك ضرورة ملجئة للاقتراض بالربا، لأن الضرورات تبيح المحظورات كما هو معلوم، ومعلوم أن إكمالك لبناء هذا الفندق ليس من الضرورة الملجئة، وراجع لمعرفة ماهية الضرورة الملجئة الفتوى رقم: ٦٥٠١، والفتوى رقم: ١٢٩٧.

وقد سبق التعقيب على الفتوى الصادرة عن مجلس الإفتاء الأوروبي الخاصة بمسألة شراء بيوت من خلال قروض البنوك، وذلك في الفتوى رقم: ٤٩٩١٨.

والذي ننصحك به أن تتوب إلى الله تعالى وتعدل عن بناء هذا الفندق إلى بناء شيء آخر مباح مثل مبنى تجاري أو سوبر ماركت أو شقق سكنية أو غير ذلك مما هو مباح، نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٧ رجب ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>