للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم بناء من يتعامل بالربا للمساجد]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا والدي تاجر في العقارات وأنا أساعده في عمله ولكن للأسف هو يأخذ قروضا من البنك وتمويلات للعقارات غير إسلامية ويستدين مبالغ طائلة من أهله وغير أهله والبنوك وغير ذلك وحان وقت سدادها. وهو لا يهمه أبدا أي شيء ولا يخطط لما يعمل. علما بأنه إنسان خير ويبني مسجدا في قريتنا على حسابه الخاص.

إنه لم يعد ليرى زوجته وأولاده منذ أربعة أشهر ونصف ولديه زوجة ثانية وولدان منها ولم يستطع أن يبيع هذه العقارات لأنه يبالغ في الأسعار ولكن نحن الذين نعاني من هذا كله ولا نخرج من البيت وذلك لعدم وجود المال

فأسئلتي هي:

١-هل علي ذنب إن حاولت إقناعه وفشلت في ذلك؟

٢-ما حكم ما يقترضه وما يعمله لكي أحاول إقناعه مرة أخرى؟

٣-هل من الممكن أن السبب في أنه لم يستطع بيع هذه العقارات أنه دخل في القروض الربوية؟

٤-ما مدى تأثير هذه القروض الربوية على أجره في بناء المسجد؟ علما أنه يبني المسجد بالديون؟

٥-وآخر أسئلتي هو هل عليه ذنب أنه لم يعد ليرى زوجته الأولى وأولاده الذي تركهم منذ ٤ أشهر ونصف وسافر إلى دبي للعمل ويصرف الأموال الطائلة هناك بينما أهله في اليمن لا يجدون مالا كافيا للعيش؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان والدك يقترض بالربا ويدخل في معاملات غير شرعية ويستدين أموال الناس ناويا إتلافها وعدم ردها فإن ذلك كله من الكبائر والموبقات العظيمة.

فإن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ {البقرة:٢٧٨-٢٧٩}

وليعلم أن الله تعالى يمحق أموال الربا وغيرها من أموال الميسر والسحت ونحوها؛ كما قال تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا {البقرة: ٢٧٦} وهذا الذي يجده في تجارته شيء من ذلك المحق المتوعد به آكل الربا المتعامل به.

وأما تأثير هذه القروض الربوية والمعاملات المحرمة على أجره في بناء المسجد.. فنقول: إذا كان يبني المسجد من مال حلال ولو كان دينا في ذمته يسدده من مال حلال فهو مأجور إن شاء الله على عمله الصالح هذا بحسب نيته، فالسيئة لا تحبط الحسنة ولا تبطلها، ولكن إن غلبت سيئاته حسناته هلك؛ إلا أن يرحمه الله برحمة من عنده

وأما إن كان يبني المسجد من مال حرام فإنه لا يؤجر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. رواه مسلم.

وبالنسبة لمعاملته مع أهله فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول. رواه أبو داود. وفي رواية لمسلم: كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته.

فيجب عليه أن ينفق عليهم بالمعروف، وإذا سافر يترك لهم ما يفي بحاجتهم، ويلزمه ألا يغيب عن زوجته أكثر من ستة أشهر إلا لعذر كالعمل ونحوه

هذا، وإذا قام الولد بنصح والده وبين له الحق فلم يرجع إليه ولم يرعو عن غيه فقد قام بواجب النصيحة ولا يلحقه إثمه، قال الله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام: ١٦٤}

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٨ ذو الحجة ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>