للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مذاهب العلماء في حد الوجه الواجب غسله في الوضوء]

[السُّؤَالُ]

ـ[سألت فضيلتك في فتوى سابقة: بالنسبة للرجال ـ حليقو اللحية ـ وكذلك النساء، عن حدود غسل الوجه من أسفل إلى أين؟ فتفضلتم بالفتوى وقلتم حتى مجمع اللحيين أي يغسل من أسفل حتى أسفل أسنان الفك السفلى من الخارج حتى إن فضيلتك بينت حكم حلق اللحية في الفتوى، وحيث إن هذا الموضوع أثار خلافا أعدنا عليك السؤال للتأكد فأرسلنا لفضيلتك وقلنا لك يعنى أن أسفل اللسان من خارج الفم لا يغسل فأكدت في توضيح للفتوى أن أسفل اللسان من الخارج لا يغسل.

وهناك أستاذ دكتور في الفقه في جامعة الأزهرـ أي متخصص في الفقه ـ شرح حدود غسل الوجه في برنامج في التلفزيون فقال بالنسبة للوجه من أسفل قال يغسل كل الجزء السفلي من الوجه خارج الفك السفلي أي أسفل اللسان من الخارج وأسفل أسنان الفك السفلي حتى تصل إلى العظمة الناتئة في الرقبة ـ أي الحنجرة ـ فهناك تقف وقال كل من لا يغسل هذا الجزء وضوؤه باطل.

يا شيخ: فأي الرأيين أصح؟ فكما تعلم أن الزيادة في الغسل على ما حدد الشرع بدعة، فهل ما أفتيتم به يعتبر مذهبا غير مذهبه؟ فمن فضلك نريد التفصيل وأيهما الأصوب؟ علما بأن هذا الموضوع يسأل عنه أكثر من واحد وإذا كان كلامه صحيحا في وجوب غسل كل ما تحت الفك السفلي من الخارج حتى الحنجرة، فماذا يفعل من غسل مثل ما قلتم حتى أسفل أسنان الفك السفلي من الخارج؟ أتجب عليه الإعادة أم لا؟.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكرناه لك في الفتاوى المشار إليها هو المعروف من كلام العلماء، فإنهم على اختلاف مذاهبهم قد حدوا الوجه بأنه طولا ما بين منبت الشعر المعتاد إلى منتهى مجمع اللحيين، واللحيان هما الفكان السفليان، وهذه بعض نصوص أهل العلم تتميما للفائدة، قال الشيرازي في المهذب: ثم يغسل وجهه وذلك فرض، لقوله تعالى: فاغسلوا وجوهَكُمْ. والوجه ما بين منابت شعر الرأس إلى الذقن ومنتهى اللحيين طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً. انتهى.

وقال النووي في المجموع معلقاً: هذا الذي ذكره المصنف في حد الوجه هو الصواب الذي عليه الأصحاب ونص عليه الشافعي ـ رحمه الله ـ في الأم. انتهى.

وقال أيضاً: والوجه عند العرب ما حصلت به المواجهة. انتهى.

وقال الكاساني في بدائع الصنائع: ولم يذكر في ظاهر الرواية حد الوجه، وذكر في غير رواية الأصول أنه من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن، وإلى شحمتي الأذنين، وهذا تحديد صحيح، لأنه تحديد الشيء بما ينبئ عنه اللفظ لغة، لأن الوجه اسم لما يواجه الإنسان، أو ما يواجه إليه في العادة، والمواجهة تقع بهذا المحدود. انتهى.

وغير خاف أن الموضع المسؤول عنه ليس ممّا تحصل به المواجهة، وجاء في الشرح الكبير للدردير: وأشار أي خليل ـ رحمه الله ـ إلى حده أي الوجه طولا بقوله: وغسل ما بين منابت شعر الرأس المعتاد ومنتهى الذقن بفتح الذال المعجمة والقاف مجمع اللحيين بفتح اللام في نقي الخد ومنتهى ظاهر اللحية ـ فيمن له لحية بكسر اللام وفتحها ـ وهي الشعر النابت على اللحيين تثنية لحي بفتح اللام وحكي كسرها في المفرد وهو فك الحنك الأسفل فبتقدير منتهى يدخل الذقن وظاهر اللحية. انتهى.

وقال الخرقي في مختصره: مسألة: قال: وغسل الوجه وهو من منابت شعرالرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن وإلى أصول الأذنين. انتهى.

فهذه نقول عن أتباع المذاهب الأربعة من كبار أهل العلم وأئمتهم تدل على ما ذكرناه، وأما ما ذكره هذا الشيخ فلم نطلع على ما يدل عليه، وينبغي أن يسأل هو عن مستنده فيما قال، وإذا تبين هذا فلا وجه للسؤال الأخير وهو عن صحة وضوء من توضأ على الصفة المذكورة، لأنه توضأ وضوءا صحيحا مجزئا شرعا.

وأما قولك إن الزيادة في الغسل على ما حدد الشرع بدعة ليس على إطلاقه، فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى استحباب الزيادة في غسل بعض أعضاء الوضوء على الواجب، ومستندهم في هذا ما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: إن أمتي يأتون غرا محجلين من آثار الوضوء.

والبحث في هذه المسألة طويل الذيل فلا نطيل به هذه الفتوى المختصرة.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٨ شوال ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>