للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[لا يصح تزويج المرأة العفيفة بالرجل الفاجر الزاني]

[السُّؤَالُ]

ـ[فقد تقدم لي شاب للزواج ما علمت عنه هو أنه مسلم يصلي ويصوم ويذهب إلى المسجد كل جمعة ... لكنه يزني وينظر للأفلام الإباحية ... ويعترف بهذا يعني يجاهر بالمعصية، هل هذا الشاب صالح للزواج.؟ هل يمكنني أن أتغاضى عن الشيء السلبي فيه أم سيشكل خطرا على علاقتي معه في المستقبل؟ هل إذا تزوج سيقلع عن الزنى؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك الزواج من هذا الشخص الذي ذكرت من فسوقه ما ذكرت, ذلك لأن الكفاءة شرط في النكاح وهي معتبرة بالدين على الراجح من أقوال أهل العلم, وعليه فإن الفاسق ليس بكفء للعفيفة فلا يجوز لأوليائها أن يزوجوه منها.

يقول الإمام النووي في روضة الطالبين: والفاسق ليس بكفء للعفيفة.

ويقول ابن رشد في بداية المجتهد - وهو مالكي -: لم يختلف المذهب - يعني المالكي - أن البكر إذا زوجها أبوها من شارب الخمر، وبالجملة من فاسق أن لها أن تمنع نفسها من النكاح، وينظر الحاكم بعد ذلك، فيفرق بينهما، وكذلك إن زوجها ممن ماله حرام، أو ممن هو كثير الحلف بالطلاق.

وقد نص الله سبحانه على حرمة الزواج بالزاني, فقال سبحانه: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور:٣}

فحرم سبحانه على العفيف أن ينكح الزانية, وحرم سبحانه على العفيفة أن تنكح الزاني.

يقول ابن كثير رحمه الله تعالى: ومن هاهنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب، فإن تابت صح العقد عليها وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح، حتى يتوب توبة صحيحة؛ لقوله تعالى: وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. انتهى

وقد ذكرت أن هذا الشخص ليس مجرد مرتكب للفواحش بل إنه معلن بها مجاهر بركوبها , فلا يجوز حينئذ الزواج منه إلا أن تظهر توبته، وظهورها لك أمر في غاية الصعوبة والعسر, لأن من كان هذا حاله فلا يؤمن أن يظهر التوبة لأجل إتمام الزواج والحال أنه مقيم على معصيته وفجوره, ولذا نوصيك بالانصراف عنه جملة واحدة, ونسأل الله أن يرزقك بدلا منه بزوج صالح يكون عونا لك على دينك ودنياك.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٤ صفر ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>