للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سؤال أين الله؟ وحكم امتحان الناس به]

[السُّؤَالُ]

ـ[هناك أناس يسألون الناس أين الله ألا يصدق عليهم قول الله فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ... إلى آخره، علي كل حال لو أجاب بأنه الحاضر والناظر في كل مكان فيبادر أذهانهم إلى السؤال هل هو موجود في الحمام - فأنا أسأل منه هل يسمح لي كل ما أعمل في الحمام لأنك نفيت الرقابة، لو قلت إن علمه وقدرته شامل لهذه الأماكن فأي إنصاف هذا، تنفي ذاته وتشمل لها صفاته لهذه الأماكن، الله علم لذات واجب الوجود المستجمع لجميع صفات الكمال المنزه عن الزوال والنقصان، علم الله وقدرته صفات الله سبحانه وتعالى، الاستواء معروف والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة، فكان من المفروض أن لا يسأل الناس بهذا السؤل، أرجو من سعاتدكم التوضيح؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسؤال: أين الله؟ قد منع منه بعض العلماء، والصواب جوازه لما ثبت في صحيح مسلم في حديث معاوية بن الحكم السلمي في قصة ضربه لجاريته وفيه: قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها. فأتيته بها فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء. قال من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: أعتقها فإنها مؤمنة. وقد سبق ذكر ذلك في الفتوى رقم: ١٣٦٠.

هذا من ناحية صحة السؤال وفائدته، أما أن يتخذ ذلك ديدنا يمتحن به الناس دون حاجة لذلك، فلا شك أن هذا مخالف للسنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه أنه سأل هذا السؤال لغير هذه الجارية ـ فيما نعلم ـ وكان سؤاله صلى الله عليه إياها لأمر جَدَّ وداعٍ وُجِد، ومصلحة وحاجة ظاهرة.

وقد سئل الشيخ عبد المحسن العباد: هل يستفاد من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم للجارية: (أين الله؟ ومن أنا؟) جواز اختبار بعض الناس لمعرفة عقيدتهم وكذلك لمعرفة منهجهم بسؤالهم بعض الأسئلة؟

فأجاب: السؤال هناك حصل لمعرفة كونها من أهل الإيمان، فإذا كانت هناك حاجة إلى معاملة إنسان أو إلى مداخلة إنسان فيمكن للإنسان أن يحتاط في التعرف عليه بسؤاله عما يحتاج إلى معرفته. شرح سنن أبي داود، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: ٦١٩١٦.

ثم ليعلم السائل الكريم أن الله تعالى بعلمه وإحاطته وقدرته في كل مكان، وهو مع ذلك مستو على عرشه بائن من خلقه، ذات واحدة مستجمعة لكل صفات الكمال، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٦٧٠٧، ٨٨٢٥، ٧٠٩٥٨.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٧ ربيع الأول ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>