للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم العمل في طهي ما يدخل فيه لحم الخنزير]

[السُّؤَالُ]

ـ[أرجو الإفاده والتدقيق فى سؤالي جزاكم الله خيرا

أعمل فى مطعم فى إيطاليا وأقوم بعمل أنواع كثير من الفطائر يحتوي بعض منها على لحم الخنزير النجس ولكن أنا قرأت بنفسي أن الأحناف قد أباحو الانتفاع بما هو نجس من غير الأكل فأنا لا آكل لحم الخنزير ولا أبيعه ولكن أقوم بعمل بعض الأنواع التي تحتوي على هذا العمل والبعض الأخر لا يحتوي وأقدمه لأناس غير مسلمين أي يحل لهم أكله لأنهم نصارى ودليل الأحناف على ما أعتقد أنه الحديث الصحيح التالي روى البيهقي بسند صحيح أن ابن عمر رضي الله عنه سئل عن زيت وقعت فيه فأرة فقال: استصبحوا به وادهنوا به أدمكم ومر رسول الله صلي الله عليه وسلم على شاة لميمونة فوجدها ميتة ملقاة فقال \"هلا أخذتم إهابها فدبغتموه وانتفعتم به فقالوا يارسول الله إنها ميتة فقال \" إنما حرم أكلها \"رواه الجماعة إلا ابن ماجه. أنا الحمدلله متدين جدا وأعرف الله وأقول من هذا الحديث إنه يمكن القياس بلحم الخنزير طبقا للحديث كالميتة وأنا أعلم أنه يوجد حديث يقول إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه حديث صحيح ولكن هذا الحديث كان عند فتح مكة وكان المسلمون قريبي العهد باستباحة أكلها فلما تمكن الإسلام من نفوسهم أبيح لهم الانتفاع بغير الأكل أنا يا شيخ ذهبت للحج والعمرة بهذا المال فهل هذا المال حرام وهل الدلائل التي أسوقها خاطئة أرجوا الإفادة وأرجو أن تضع فى الاعتبار صعب جدا عمل آخر؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز العمل في طهي لحم الخنزير أو ما دخل فيه لحم خنزير وذلك لأنه لا يجوز تناوله ولا الإعانة على تناوله ولو كان آكله ممن يستحله، كما يستعمل النصارى الخنزير ونحو ذلك، وراجع في هذا الفتوى رقم: ١٤٠١٤. والفتوى رقم: ٢٠٣١٨، والفتوى رقم: ٣٧٣١٩.

وما نسبته إلى مذهب الأحناف ليس مذهبهم في المسألة المذكورة لأنهم لا يبيحون بيع النجس العين وإنما يجيزون بيع المتنجس، والدليل الذي ذكرته إنما هو في إباحة الانتفاع بالمتنجس لا النجس، قال الحصكفي في الدر المختار: ولا يجوز بيع دهن نجس (أي متنجس) اهـ

قال ابن عابدين في الحاشية: احترز به عن دهن الميتة والخنزير. اهـ

وقد اتفق الحنابلة والحنفية في ظاهر الرواية على عدم جواز الاستصباح بالدهن النجس واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. رواه البخاري وغيره.

أما عن حديث الفأرة الذي ذكرته فموضوع الاستدلال به يكون في جواز استخدام المتنجس لا النجس. وحديث ميمونة لا يقاس عليه ما ذكرت لأن الفارق واضح بين الخنزير والشاة، فإن الخنزير نجس حال الحياة وبعد الموت بخلاف الشاة، ولأن نص حديث الشاة في الجلد لا في سائر أجزاء الميتة، وعملك يتصل بطهي نفس لحم الخنزير أو ما يدخل في إعداده.

وبناء على هذا فالواجب عليك الامتناع عن صناعة ما يدخل فيه لحم خنزير، فإن لم يمكنك ذلك وجب عليك ترك هذا العمل لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: ٢}

أما عن حجك واعتمارك بالمال المكتسب من هذا العمل فلا شك أن المال الذي اكتسبته من هذا العمل مال مختلط لأنك تقوم في عملك بما يحل وما لا يحل، فيمكنك احتساب المال الذي حججت أو اعتمرت به من المال الحلال، علماً بأن الحج بمال حرام صحيح مع الإثم كما بيناه في الفتوى رقم: ٤١٥٩٩، والفتوى رقم: ٤٩٦٥٥.

وللفائدة راجع الفتويين رقم: ٢٦٣٥٦،

وراجع في كون الكفار مخاطبين بفروع الشريعة الفتوى رقم: ٢٠٣١٨، والفتوى رقم: ٢٦٣٤٩، والفتوى رقم: ٥٢٠٥٢.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٤ شوال ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>