للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم عدم قبول الهدية]

[السُّؤَالُ]

ـ[قامت إحدى الموظفات عندنا في الشركة بشراء سيارة، وطلبت من الإدارة رسميا شراء وجبات جاهزة لتوزيعها على كل موظفي الشركة، وستقوم هي بتغطية التكاليف، وكنت محسوبا بينهم، ولكني رفضت أخذ الوجبة المخصصة لي، لأني لا أريد وجود الإناث في الشركة، ولا أريد لهذه الدعوات أن تنتشر، فهل فعلي صحيح؟ وما هي النية الصحيحة الواجب توفرها لفعل كهذا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد رغَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبول الهدية فقال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه فتموله، فإن شئت كله، وإن شئت تصدق به، وما لا فلا تتبعه نفسك. قال سالم بن عبد الله: فلأجل ذلك كان عبد الله لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه. متفق عليه. وقال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ.

قَالَ اِبْن بَطَّال رحمه الله ـ في شرح صحيح البخاري هذا حض منه لأمته على المهاداة، والصلة، والتأليف، والتحاب، وإنما أخبر أنه لا يحقر شيئًا مما يُهدى إليه أو يدعى إليه؛ لئلا يمتنع الباعث من المهاداة لاحتقار المهدى، وإنما أشار بالكراع وفرسن الشاة إلى المبالغة في قبول القليل من الهدية، لا إلى إعطاء الكراع والفرسن ومهاداته؛ لأن أحدًا لا يفعل ذلك. انتهى.

وقد اختلف العلماء فيمن أهدي إليه مال هل يلزمه قبوله أم لا، قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: واختلف العلماء فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أم يندب؟ على ثلاثة مذاهب والصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه يستحب. انتهى

وتأسيسا على ذلك فإنه يستحب لك قبول هذا الطعام الذي أهدي إليك. أما هذا القصد الذي رددت من أجله الهدية فينظر في الظروف الملابسة له، فإن كان عمل النساء في الشركة عملا منضبطا من الناحية الشرعية بمعنى أنه لم يكن هناك مخالفات شرعية من اختلاط بالرجال أو تبرج ونحوه فنرى حينئذ أن فعلك هذا خلاف الأولى؛ لما فيه من ترك أمر مستحب ندب إليه الشرع.

أما إن كان عمل النساء في الشركة يتضمن مخالفة شرعية، وكان تركك لأخذ هذا الطعام من قبيل إنكار المنكر وهجر أصحابه وزجرهم، فإن فعلك هذا محمود، ولك فيه الأجر والمثوبة إن شاء الله.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٢ ذو القعدة ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>