للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم تعريض اللسان للنار للتمييز بين الصادق والكاذب]

[السُّؤَالُ]

ـ[الإخوة الأفاضل لدي سؤال يخص شيئا في مجتمعنا المصري, فمشكلة مجتمعنا هذا هو كثرة العادات القديمة التي احترت في تأويلها إن كانت فرعونية أم إسلامية أم قبطية؟

منذ فترة سمعت أن هنالك شيئا اسمه البشعة وهو يقام من أجل التفريق بين المتخاصمين لمعرفة الكاذب.

ويكون بتسخين صحن حديدي حتى يحمر احمرارا شديدا ثم جعل المتخاصمين يلحسونه بألسنتم، فأما الصادق منهم فلا تمسه النيران.

أريد أن أعلم رأي الدين في هذا وهل هو نوع من السحر أم ماذا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا نعلم لهذه العادة أصلا في الشرع، ولا هي مما يعلم نفعه بالعقل، وما كان هذا سبيله فينبغي تركه، ثم لا يخفى ما في هذه العادة من الضرر وتعريض النفس للخطر، وقد قال تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا. {النساء:٢٩} . قال السعدي: يدخل في ذلك الإلقاءُ بالنفس إلى التهلكة، وفعلُ الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك. اهـ.

وقال سبحانه: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ. {البقرة:١٩} . قال البغوي: قيل: التهلكة ما يمكن الاحتراز عنه، والهلاك ما لا يمكن الاحتراز عنه. اهـ.

وقال السعدي: يدخل تحت ذلك أمور كثيرة، فمن ذلك، ترك الجهاد في سبيل الله، أو النفقة فيه، الموجب لتسلط الأعداء، ومن ذلك تغرير الإنسان بنفسه في مقاتلة أو سفر مخوف، أو محل مسبعة أو حيات، أو يصعد شجرا أو بنيانا خطرا، أو يدخل تحت شيء فيه خطر ونحو ذلك، فهذا ونحوه، ممن ألقى بيده إلى التهلكة. اهـ.

ومما يدل على حرمة ذلك أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرر. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.

والذي نعلمه عن هذه العادة أنها لا علاقة لها بالسحر والشعوذة، وقد حاول البعض تفسيرها فقالوا: إن الإنسان الصادق يكون واثقاً من نفسه بحيث لا يجف ريقه ويكون لسانه مبتلا ً فلا تؤثر فيه حرارة المعدن، وأما الكاذب فيكون مضطرباً لدرجة أن ريقه يجف مما يجعل المعدن يلتصق بلسانه.

وهذا غير مُسَلَّم، فإن البريء قد يخاف ويضطرب، وحتى اللسان المبتل لا يسلم من أثر الاحتراق.

وقد سبق لنا في الفتوى رقم: ١٠٠٠٧٤. أن العادات والتقاليد التي تخالف الشريعة الإسلامية يجب تركها، وعلى المسلم أن ينصح إخوانه بالتخلي عن العادات التي تخالف الشرع. كما سبق بيان موقف الشرع من العادات والتقاليد، وكيفية التغلب على العادات السيئة، وما هو الواجب تجاه الخرافات والشعوذة، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٣٠١٩٥، ٦١١٠٩، ٦٩٩٢٩.

وأخيرا ننبه السائل الكريم على أن قوله: رأي الدين، من الألفاظ الممنوعة، قال الشيخ بكر أبو زيد في المناهي اللفظية: هو إطلاق مرفوض شرعا. اهـ. وقد سبق بيان ذلك وعلته في الفتوى رقم: ٢٣٠٣٣.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠١ جمادي الأولى ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>