للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بين حق الابن في الزواج ممن يرغب وتعسف الأب ومنعه]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب تونسي أريد الزواج من فتاة (أعرفها منذ على الأقل ١٤ سنة) تكبرني بـ ٩ أشهر متحجبة لقاءاتنا كانت أغلبها في منزلها بحضور أبيها أو أخيها وكانت عائلتي على علم بهذه العلاقة منذ بدايتها ولما طرحت مسألة الزواج على والدي تم الرفض القاسي لسبب السن ولم يعطني فرصة للنقاش في هذه المسالة وقال لي: إن تريد الزواج منها فأنا غاضب عليك واذهب ربي يزين عليك. أما بالنسبة لبقية العائلة فهم في صفي مع العلم أن والدي يحب الفتاة وسبب رفضه الوحيد هو أنها تكبرني سنا.

ولما سألت بعض الشيوخ في هذه المسألة وشاهدت بعض الدروس في قناتي الناس والحكمة وجدت أنه لا مشكلة أن الولد يستطيع الزواج في هذه الحالة ويسعى إلى إرضاء والده ومصاحبته في الدنيا.

ولما توكلت على الله وأصبحت أستعد للزواج ما راعني إلا وجدت تهديدات قاسية من والدي متمثلة كالأتي:

* طلاق الوالدة إن تزوجت بهذه الفتاة.

*الشكوى بي إلى المحكمة لأنه اقترض في أيام دراستي مالا ولم أرجعه له (في الحقيقة أني أرجعته له ولكن بحكم أنه والدي فلم يكن لي حجة بأني أرجعته له.

* الشكوى بي من أجل النفقة في حين أن له جراية المعاش.

* سيسلمني للخدمة العسكرية.

هذه مشكلتي وأنا أريد أن أعرف هل أن زواجي من هذه الفتاة يعتبر عقوق والدين وأنا نيتي إتمام نصف ديني مع العلم أنني كنت أنوي أن يكون زواج منها على السنة وبما يرضي الله وأني أنا وهذه الفتاة نعمل لإرضاء الله من صلاة الفريضة والنوافل وقيام وصيام.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يحق لأبيك أن يمنعك من الزواج بهذه الفتاة التي تريدها لمجرد هذا الفارق البسيط في العمر بينكما، وذلك لأن وجود الفارق العمري بين الزوج والزوجة أمر شائع في الوجود، وغير منكر في الشرع، ومدار الأمر على الاستقامة والدين والخلق، وقد كان بين نبينا صلى الله عليه وسلم وأزواجه فروق في السن، فقد تزوج خديجة رضي الله عنها وهي أسن منه ببضع عشرة سنة، وتزوج عائشة رضي الله عنها، وهو أسن منها بكثير.

وغير خافٍ على أحد أن الله سبحانه أمر ببر الوالدين وطاعتهما والإحسان إليهما، ولكن لا يجوز لهما أن يتعسفا في استعمال هذا الحق، ولا أن يستخدماه في ظلم الأبناء والتضييق عليهم.

ومع ذلك فإنا نوصيك بالصبر على أبيك وتوسيط أهل الخير من الأقارب وغيرهم ممن لهم وجاهة عنده حتى يحاولوا إقناعه بذلك.

فإن لم يوافق مع ذلك، وكنت تعلم أنه سيوقع فعلا ما هدد به فإنا نوصيك بترك الزواج من هذه الفتاة، استجابة لوالدك ودرءا للمفاسد التي هددك بها، وأما إن كنت تعلم أن هذا الذي قاله لك من باب التهديد فقط، وأنه لن يقدم عليه، وكنت مع ذلك ستتأذى أذى بالغا بترك هذه الفتاة، فيمكنك حينئذ الزواج منها دون موافقته، لأن موقفه غير صحيح.

وقد نص أهل العلم على أن الولي لا يحق له منع المرأة من الزواج بمن تريد من الرجال، مع أن وجوده شرط في صحة النكاح، فمن باب أولى لا يحق للأب منع ابنه من الزواج بمن يريد لأن الرجل البالغ الرشيد لا ولاية لأحد عليه في النكاح.

ولكن إذا فعلت وتزوجت دون موافقته فعليك بعد ذلك أن تبذل جهدك لاسترضائه بكل طريق.

وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: ٦٥٦٣، ٩٦١٣١، ٢٣٠٨٤.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٧ رمضان ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>