للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[من رضي بما قدر الله له فله الرضا]

[السُّؤَالُ]

ـ[أشكركم كثيرا على اهتمامكم برسالتي.

قبل كل شيء أنا أعيش في صراع نفسي هل كل ما مر على حياتي هو قدري أم أنا سبب فيه?

لقد كنت مخطوبة لشخص ولكن عائلتي تسببت في العقبات حتى تم الانفصال والسبب الأكبر هي أمي? سمح الله لها مع أنني كنت في سن الزواج ٢٨.

ولكي أنسى همي طبعا لجأت إلى الله وللأدعية لإفراج همي.

ثم قررت أن أكمل دراستي وبالفعل نلت شهادتي بامتياز وبحثت عن العمل وطول هذه السنوات (٤سنوات) لم أستطع أن أنسى ماذا مر بي فأكره عائلتي كرها شديدا.

خصوصا عندما أفكر لو تم ذلك الزواج لكنت الآن لدي أطفال ومسؤولة عن بيت خصوصا كنت أريد الزواج لتحصين نفسي وأعتني ببيتي وتربية أولادي على أسس إسلامية. سبحان الله فهذه غريزة أي مرآة. ولكن أقول" قدر الله وما شاء فعل".

ولكن الآن أتخبط في صراع بين نفسي وأتألم في بحر العنوسة وكل يوم أكره عائلتي وخصوصا كل واحد عمل حياته وذهب. وآخر ما سمعتهم يقولون" نحن سبب الله يسمحنا" بالضحك، والله بكيت كثيرا رغم مرور هذه السنوات.

والله لقد درست, اشتركت في الجمعية في المسجد; صليت كثيرا, دعوت كثيرا، حاولت أن أنسى لم أستطع. فكلما رأيت طفلا أو عرسا قلبي يتمزق وأحس بمرارة.

فهل هذا قدري أو نتيجة أعمالي أو ضعف شخصيتي أدت بي إلى هذا المصير.]ـ

[الفَتْوَى]

خلاصة الفتوى:

كل شيء بقضاء وقدر ولحكمة يعلمها سبحانه فلا تتسخطي على الله عز وجل بما قدر عليك، وارضي فإن الخير فيما اختاره سبحانه وتعالى.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس هناك شيء يحدث في هذا الكون إلا بقدر الله عز وجل، قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:٤٩} وقال سبحانه: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {القصص:٦٨} ، وقال عز وجل: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء:٢٣} .

فالخلق خلقه يتصرف فيه كيف يشاء، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، يبتلي بالصحة والمرض، ويبتلي بالغنى والفقر، ويبتلي بالأولاد وبالعقم، ويبتلي بالزواج والعنوسة، قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:٣٥} .

والحكمة من ذلك هي كما قال: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا {الملك:٢} ، فارضي بما قسم لك، فإن من رضي فله الرضى ومن سخط فعليه السخط، ولا تحزني فالله سبحانه يقول: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:٢١٦} ، ويقول سبحانه: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:١٩} .

واعلمي أن الله سبحانه فيه عوض عما فات، وإن فاتك شيء في الدنيا فلن بفوتك في الأخرى إن صبرت واحتسبت.

ولا يعني هذا ترك الأخذ بالأسباب بل الأخذ بها مأمور ولا يتنافى مع الرضا بالقضاء، فاعرضي نفسك على من ترين فيه الأهلية لذلك، وراجعي الفتوى رقم: ٧٦٨٢.

وننصحك بقراءة كتاب لا تحزن للشيخ عائض القرني.

نسأل الله عز وجل أن يعوضك في الدنيا وييسر أمرك ويجزل لك الأجر في الآخرة، وتيقني أن المقدر سيكون لا محالة، وكونك لم تتزوجي الرجل الذي تقدم لك فلأن الله تعالى لم يقدر ذلك ولن يكون إلا ما قدره الله.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٣ رمضان ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>