للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[إقامة المرأة علاقة مع رجل أجنبي محرم وتعد لحدود الله]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا فتاة في الثانية والعشرين من العمر، كتب الله لي أن أدرس، وقد تخرجت والآن أعمل، وخلال فترة دراستي وعملي لمدة تسع سنوات كان لي زميل دراسة، وكانت ماهية التعامل بيننا الأخوة والزمالة فقط، وهو صاحب أخلاق عالية، ويخاف الله ومتعلّم ومثقف وسواها من الصفات الحسنة، ومنذ أكثر من سنة تقدم لخطبتي، وقد تيسرت الأمور بعد بضعة أشهر، والآن نحن مخطوبان، ولكن وقبل خطبتي بأكثر من سنة ونصف كنت أتعامل مع قريب لي بشكل كبير أي اتصالات هاتفية ولقاءات، دون أن نتجاوز حدود الله أبداً، ولكن كلّ منا يعتبر الآخر أخا وقريبا له، ويقدم له ما يستطيع من مساعدة إلى أبعد الحدود، وهو شاب ملتزم بدينه جداً، وصاحب خلق وأدب ومبدإ.

وبعد ذلك وعندما علم قريبي بموضوع خطبتي ضجّ كثيراً حتى ضاقت به الأرجاء، حيث كنت بجانبه الند بالند، وهنا اكتشفنا كلانا حقيقة المشاعر الدفينة داخلنا، فكلّ يحمل للآخر حباً كبيراً، وقد صرح كلٌّ منا بمشاعره للآخر.

والآن أنا مخطوبة، ومع ذلك أتعامل مع قريبي، ولا أستطيع إلا أن أسأل عنه وأراه وأخاف عليه، وهو نفس الشيء مع رفض الجميع، وخطيبي قد عرف الموضوع نتيجة تصارحنا الكبير، ومن إحساسه بمشاعري، وطبعاً هذا أصبح باباً كبيرا للمشاكل بيني وبينه، وأنا في حيرة من أمري فأنا أمام خطيب توافقنا عقلياً إلى حد كبير، وخلال الخطبة تعلق بي كثيراً إلى حد الجنون، وأمام حبيب أحسّه كما لا أحسّ مخلوقا سواه، ولا أستطيع إلا أن أتعامل معه، مع أنني أشعر بتباعد ـ نوعاً ما ـ بين عقولنا وتفكيرنا لاختلاف البيئات والتربية، وأناعلى يقين أنّ ما يحدث الآن لا يرضي الله، مما دفعني لأطرق بابكم وأرجو تقديم الحكم الشرعي في هذا: فهل أنفصل عن خطيبي وبذلك لا أكون قد ظلمته؟ مع التنويه إلى أنّ أمور الزواج غير ميسرة من خدمة علم وتأمين مسكن وحتى عدم رضا أهله تماماً.

أم أترك تعاملي مع قريبي هذا، وأرضى بما قسم لي ربي، ولا أكون قد ظلمته وظلمت نفسي معه.

فلكم الفتوى والرأي.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فابتداء ننبهك على بعض الأخطاء التي وقعت فيها، والتي تستوجب منك التوبة إلى الله جل وعلا. فمن ذلك: أنك أقمت علاقة لك مع قريبك هذا. وهذه العلاقات محرمة في ذاتها، والعجب أنك تقولين إنكما لم تتعديا حدود الله، وقد غفلت أن مجرد هذه العلاقات تعدٍ واضح لحدود الله سبحانه وانتهاك لحرماته. وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: ١١٦٨٢٥، ١٠٩٠٨٩. ...

ومن ذلك: ما تذكرينه من علاقتك أيضا بخطيبك الذي ما يزال بالنسبة لك رجل أجنبي حتي يعقد عليك، فهذا كله يحرمه الشرع.

فالواجب عليك هو قطع العلاقة بينك وبين قريبك هذا تماما، والتوبة إلى الله مما كان منك فيما سبق، وكذا الحال في الخطيب.

أما بخصوص من تقدِّمين منهما في الزواج، فقدمي من تحبين إذا كان صاحب خلق ودين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجة وغيره، وصححه الألباني.

وعلى كل حال نوصيك بأن لا تقدمي على شيء من أمورك إلا بعد استخارة الله جل وعلا، واستشارة أهل الخير والصلاح والرأي من أهلك.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٧ شوال ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>