للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم قول القائل \"بفضل فلان حدث كذا\"]

[السُّؤَالُ]

ـ[أسأل عن حكم قول المرء (بفضل فلان وقع كذا)

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه العبارة لا يجوز للمسلم أن يقولها، لأن الواجب على المسلم أن يرجع الفضل في كل ما يتقلب فيه من النعم إلى الله تعالى، قال تعالى: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ (النحل: من الآية ٥٣) ، وروى ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر، فقد أدى شكر ذلك اليوم.

ولذا كان إرجاع العبد الفضل إلى غير الله في ما يتقلب فيه من النعم كفراً لهذه النعم، وهو ضد شكرها بل قد يصل إلى الكفر بالله العظيم، ففي صحيح البخاري عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فأصابنا مطر ذات ليلة فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل علينا فقال: أتدرون ماذا قال ربكم، قلنا الله ورسوله أعلم، فقال: قال الله: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي، فأما من قال مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله فهو مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنجم كذا وكذا فهو مؤمن بالكوكب كافر بي.

قال الإمام ابن عبد البر في التمهيد: وأما قوله صلى الله عليه وسلم حاكياً عن الله عز وجل أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فمعناه عندي على وجهين، أما أحدهما فإن المعتقد أن النوء هو الموجب لنزول الماء، وهو المنشئ للسحاب دون الله عز وجل، فذلك كافر كفراً صريحاً يجب استتابته عليه، وقتله لنبذه الإسلام ورده القرآن، والوجه الآخر أن يعتقد أن النوء ينزل الله به الماء وأنه سبب الماء على ما قدره الله وسبق في علمه، فهذا وإن كان وجهاً مباحاً فإن فيه أيضاً كفراً بنعمة الله عز وجل، وجهلاً بلطيف حكمته لأنه ينزل الماء متى شاء مرة بنوء كذا ومرة دون النوء.

وبهذا يعلم أنه لا ينبغي التكلم بهذه العبارة ويتعين تركها، وراجع لمزيد من التفصيل والفائدة الفتوى رقم: ٢٤٤٢٤.

فالواجب على المسلم أن يرجع الفضل إلى الله في كل ما من النعم، كما قال تعالى: وما بكم من نعمة فمن الله.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٥ ذو الحجة ١٤٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>