للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[زوجته تربت مع ابن عمها وتعامله كأنه أخوها]

[السُّؤَالُ]

ـ[خطبت وعاقد قراني على فتاة من بيت ذي أدب ودين وخلق، وأحمد الله على حسن الاختيار لهذه الفتاة، لكن تواجهني مشكلة، وهي أهل الفتاة عائلة مكونة من أخوين في بيت واحد - أبوها وعمها - والثالث بجوار المنزل مستقل لوحده، ويوجد ابن عمها معها في البيت وتعامله معاملة الأخ وأكثر، ممكن النوم على فراش واحد في بعض الأوقات، وهو في الإعدادية، وبعض القبلات، كما ذكرت أنها تعامله كأخ لها، وكل أولاد عمها، وتكلمت معها أنه يعتبر أجنبيا عنها، لكن خائف تصير مشكلة في البيت، أو يقولون إني أفرق بين الإخوان؛ لأنهم مرتبطون ارتباطا أسريا قويا لا فرق بينهم. أكيد مفهوم سؤالي وصل. وأرجو الرد للنصح والإرشاد لخطيبتي، وكيف تكون المعاملة لأولاد عمها، وأنا دوري ودورها معي بدون تفرقه بينهم، ولا إحراج من جميع الأطراف؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المسلم ينطلق في تصرفاته في حياته من منطلق الشرع. قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الأنعام:١٦٢} .

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن من علامات الإيمان المبادرة إلى الاستجابة للشرع وطاعة الرحمن.

قال عز وجل: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {النور:٥١}

وأما العادات والتقاليد وأهواء النفوس التي لا ترضي الله تعالى فلا يجوز أن يعارض بها ما جاء به الشرع الحكيم، قال الله سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:٣٦}

فنصيحتنا لهذه المرأة أن تتقي الله تعالى، وأن تعلم أن أبناء عمها أجانب عليها، وليسوا بإخوة لها شرعا، وكونها تعتبرهم إخوة لا يغير من الواقع شيئا. فيجب عليها الاحتجاب عنهم، وعدم الخلوة بأي منهم، وأما تقبيل ابن العم أو النوم معه في غرفة واحدة أو على فراش واحد ونحو ذلك فهو أشد إثما وأعظم جرما، والتفريق بين الإخوة الأشقاء في المضاجع في هذه السن مأمور به شرعا، فكيف بغيرهم، فهذا الولد الذي ذكر أنه في الإعدادية قد يكون بالغا أو قارب البلوغ، وفي هذا من أسباب الفتنة ما لا يخفى على عاقل.

وعليك بمناصحة أهل هذا البيت بأسلوب طيب، وبيان الحكم الشرعي لهم، ويمكنك أن تستعين في ذلك ببعض العقلاء منهم. ولا يضرك ما يمكن أن يقال من أنك تريد أن تفرق أهل هذا البيت.

وإذا كانت هذه الفتاة قد عقد لك عليها فهي زوجتك، فيجب عليها طاعتك في المعروف، وإن أصرت على القيام بما تقوم به، فقد يكون الأولى أن تطلقها إن كنت قد عقدت عليها، وأن تفسخ الخطوبة إن كانت مجرد خطوبة؛ لأنه لا خير فيمن تصر على المعصية، وخاصة أن هذه المعصية ستكون لها صلة بحفظ عرضك وعفة زوجتك، ولا بد أن يكون هذا الأمر مثارا للخلاف بعد إتمام الزواج، فيحصل ما لا تحمد عقباه، وفسخ الخطبة أو الطلاق قبل الدخول لا شك أنه أهون وأسلم عاقبة من حصول الطلاق بعد الدخول وإتمام الزواج.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٨ ربيع الأول ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>