للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[نشر الأشرطة الإباحية تحت ضغط البطالة]

[السُّؤَالُ]

ـ[شيخنا العزيز أنا شاب في ٢٧ من عمري، أعيش بإيطاليا بطريقة غير شرعية من ٦ سنوات، لم أعمل في مجموع هذه السنوات إلا شهوراً معدودة، قبل شهر تقريبا عرض علي صاحب شركة لبيع بطاقات أفلام خليعة أن أعمل معهم، علما بأني سأسوق هذه البطاقات في اتجاه الدول العربية عن طريق الهاتف، مرغما لظروفي المادية ومدفوعا من طرف أصدقائي قبلت أن أخوض تجربة من شهر واحد، لكن صاحب الشركة يرغب في تمديد عقد عملي بعد أن استحسن النتائج مبدئيا، بين غرقي في نشر الفاحشة في أمتي العربية واضطراري لإيجاد عمل صار أشبه بالمستحيل نظراً للأزمة المادية العالمية من جهة، ولوضعي غير الشرعي من جهة أخرى، فأني أعيش جسداً بلا روح، أتمنى شيخنا العزيز أن ترشدني إلى ما فيه خير؟ شكراً لك شيخنا العزيز.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن العجيب أن يخبر السائل عن نفسه أن عمله هذا يترتب عليه نشر الفاحشة في أمته، ثم يتعلل بالاضطرار، ومتى كانت الضرورة مبيحة لنشر الفاحشة؟! فالذي لا شك فيه أن عملك هذا حرام، ويلحقك إثم كل من فتن في دينه بسبب هذه الأفلام الخليعة، فاتق الله في نفسك وفي أمتك -أخي السائل- فإن الدنيا فانية وبلاؤها مهما عظم لا يساوي تعريض العبد نفسه لعذاب الله، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النور:١٩} .

ثم ماذا استفدت من عملك هذا غير قولك (إني أعيش جسداً بلا روح) !! ثم ما الذي يبقيك ست سنوات في ديار الكفر وسط الفتن ينتقص فيها من دينك ولا يزاد فيها من دنياك، ولا سيما وأنت لم تعمل في هذه المدة إلا أشهراً معدودة كما تقول، والذي ننصحك به أن تبدأ حياتك من جديد بتوبة صادقة، تبدل ما ارتكبته من السيئات بحسنات ماحيات، وأن تهتم بآخرتك ولو كان ذلك على حساب دنياك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت الآخرة همه: جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه: جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له. رواه الترمذي، وصححه الألباني.

وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: من جعل الهموم هما واحداً هم المعاد كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أو ديته هلك. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

واعلم أخي الكريم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، فأحسن الظن بالله يكن عند ظنك، وتوكل عليه يكفك ما أهمك، واصدقه يصدقك، وليكن من أول ما تهتم به أن تترك هذا البلد الذي أنت فيه، وتعود إلى بلاد المسلمين لتعيش فيها، فإن للبيئة أثراً في استقامة التائب على توبته، كما سبق التنبيه عليه في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: ٣٣٧٢٤، والفتوى رقم: ٥٢٠٦٠.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١١ ربيع الأول ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>