للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التعيير بالبنات من ميراث الجاهلية]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا حامل للمرة الثانية في بنت، كنت أتمنى أن أرزق بولد ودعوت ربنا فلم يستجب. يضايقني من حولي وأنا من النفوس الضعيفة، ماذا أفعل لكي يملأ الرضا قلبي قبل لساني؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عز وجل أن يملأ قلبك بالرضا واليقين.

واعلمي أن ما دعوت به لم يذهب هباء منثورا، بل الدعاء نافع على كل حال. ففي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذا نكثر. قال: الله أكثر. صححه الألباني.

ونقول لمن يضايقونك: إن التعيير بالبنات من ميراث الجاهلية، كما أن إنجاب البنين والبنات إنما هو بإرادة الله عز وجل. قال تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ. {الشورى:٤٩- ٥٠}

فدلت هاتان الآيتان على أن كل شيء بيد الله تعالى، يقسم حسب حكمته ومشيئته، ومن ذلك الولد، فهو يهب لمن يشاء ذكورا، ويهب لمن يشاء إناثا، ويهب لمن يشاء ذكورا وإناثا، ويجعل من يشاء عقيما، وله في كل هذا الحكمة البالغة، فإذا استحضرت ذلك وعلمت أنه بتقدير من الله العليم الحكيم، فذلك مما يعينك على تلقيه بالصبر والرضا.

ثم إنك لا تدرين أيهما أقرب لك نفعا الولد أم البنت، وقد قال الله سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. {البقرة: ٢١٦} . وقال عز وجل: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا. {النساء:١٩} .

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم.

ثم إننا نزف إليك البشرى في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار. متفق عليه.

قال النووي في شرحه: إنما سماه ابتلاء لأن الناس يكرهونهن في العادة. قال الله تعالى: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ. {النحل: ٥٨} .

ولمعرفة المزيد عن مقام الرضا وما يملأ القلب به انظري الفتوى رقم: ١١٤٩٥٣. وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٣ رجب ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>