للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مذاهب العلماء فيمن استؤجر لإيصال شخص لمكان فمات قبل إيصاله]

[السُّؤَالُ]

ـ[صديقي يسأل أنه أخذ مبلغا من ٥ أشخاص لإخراجهم إلى أوروبا من تركيا إلى اليونان، وقدر الله أنهم غرقوا في الماء على الحدود التركيه اليونانية. وهو يسأل الآن ماذا يفعل بالمال الذي أخذه منهم لإخراجهم؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت الصفقة بين صديقك وأولئك الأشخاص هي أن يوصلهم بطرق غير مشروعة إلى تلك البلاد فالعقد فاسد ولا أجرة له على ذلك، لكونه فعلا محرما، وعليه أن يعيد ما أخذه منهم إلى ورثتهم إن أمكن ذلك، أو يتصدق به عنهم إذا عجز عن إيصاله إليهم، وانظر الفتوى رقم: ٩٢٦٢.

وأما إن كان الاتفاق بينهم وبينه هو أن يوصلهم بطرق مشروعة إلى ذلك المقصد بأجرة وأخذ منهم الأجرة مقدمة وقد ماتوا قبل استيفاء تلك المنفعة المعقود عليها، فالجواب: أنهم إن كانوا قد استوفوا بعضا من تلك المنفعة بأن كان قد قطع بهم بعض الطريق وماتوا في أثنائه، فليأخذ من الأجرة بقدرما انتفعوا.

قال في الروض المربع: وتنفسخ الإجارة أيضا بموت الراكب، إن لم يخلف بدلا أي من يقوم مقامه في استيفاء المنفعة بأن لم يكن له وارث، أو كان غائبا.اهـ.

وذكر مثله البجيرمي الشافعي في حاشيته، ومن أهل العلم كالمالكية من ذكر أن المستأجر هنا لا يستحق شيئا لأن ذلك من الجعل فلا يستحقه قبل تمام العمل وحصوله. جاء في حاشية الدسوقي: واعلم أنه لا أجرة إذا غرقت في أثناء المسافة.

لكن القول الأول أرجح وهو كون ذلك العمل أجرة فيستحق المستأجر فيه بقدر ما استوفى المؤجر، وبناء عليه فليأخذ صاحبك بقدر ما استوفى أولئك من تلك المنفعة والباقي يعيده إلى ورثتهم إن أمكن الوصول إليهم، فإن لم يمكن ذلك وغلب على ظنه أنه لن يصل إليهم تصدق به عنهم على الفقراء والمساكين ليصلهم أجره وثوابه بإذن الله.

وكذا إن كانوا لم يستوفوا شيئا من المنفعة فليصرف المال كما ذكرنا من إعادته إلى ورثتهم إن أمكن ذلك أو التصدق به عنهم إن جهل وارثهم.

والله أعلم

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠١ رجب ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>