للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[العمل في شركة تلجأ للتزوير لتسفير النساء للعمرة بغير محرم]

[السُّؤَالُ]

ـ[أعمل في شركة عمرة في بلدي، ونظراً لاشتراط السفارة السعودية بوجود محرم لكل امرأة مسافرة، إلا أن الشركة تقدم أوراقا مزورة تفيد بوجود محرم لكل امرأة تقدمت بطلب العمرة وليس لها محرم، ودائماً يكون المحرم من نفس المجموعة المسافرة لأداء العمرة، مما يترتب عليه التوزيع للسكن في الفندق سكن المرأة ومحرمها الصوري في حجرة واحدة، وغالباً يقع الزنا في مثل هذه الحالات، ما حكم عملي في هذه الشركة؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاشتراط السفارة السعودية وجود محرم للمرأة التي تريد السفر إلى العمرة هو الذي أمر به الشرع الحنيف، وأكد عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. رواه الشيخان، ولهما أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم. فقام رجل فقال: يا رسول الله: إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: انطلق فحج مع امرأتك.

وعليه فما تقوم به الشركة من تقديم أوراق مزورة تفيد وجود محرم لكل امرأة تقدمت بطلب العمرة ... إلى آخر ما ذكرته، يحتوي على كثير من المخالفات الشرعية، وذلك على النحو التالي:

١- أنه تزوير، والتزوير هو إحدى الكبائر التي ورد التحذير الشديد منها، جاء في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً: قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه.

٢- أنه مخالفة لما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث التي سبقت الإشارة إليها.

٣- أنه قد أضاف إلى هذا كله تحصيل الخلوة بين أجنبيين، وقد روى البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. وما روياه أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. وما رواه أحمد والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم، فإن ثالثهما الشيطان.

٤- أن ما ذكرت أنه يحصل غالباً من الوقوع في الزنا في مثل هذه الحالات، يعتبر نتيجة حتمية لتلك الخلوة التي تتعمد الشركة فعلها.

٥- أن ما في هذا من الآثام الكبيرة والذنوب المهلكة إذا انضاف إليه أنه واقع في البلد الذي قال الله تعالى فيه: وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ {الحج:٢٥} ، كان الذنب أكبر والخرق أوسع.

وإذا تقرر ذلك فلا يخفى بعدُ أن العمل في مثل هذه الشركة لا يجوز، لما فيه من التعاون معها على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:٢} .

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢١ ربيع الأول ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>