للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[إعراب قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم)]

[السُّؤَالُ]

ـ[في الآية الكريمة من أواخر سورة المائدة ـ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم.. الآية. أرجو إعراب هذه الأية وبالأخص كلمة أنفسكم؟

ولكم جزيل الشكر.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذه الآية الكريمة يمكن إعرابها حسب الآتي:

(يا) حرف نداء وضع للبعيد أصلا، وقد ينادى به القريب للاعتناء به ولأهميته أو لعظمه أو تنزيله منزلة البعيد، وهو هنا للاعتناء.

و (أي) وصلة إلى نداء المعرف باللام، أعطي حكم المنادى، والتزام رفعه إشعارا بأنه المقصود، واقحمت هاء التنبيه بينهما للتأكيد، قال ابن مالك في الخلاصة:

وأيها مصحوب أل بعد صفة ... يلزم بالرفع لدى ذي المعرفة

وأما (عليكم) فهي اسم فعل أمر بمعنى الزموا مركب من الجار والمجرور، ولكثرة استعماله عومل معاملة فعل الأمر فنصب الاسم بعده على المفعولية، قال ابن مالك في الخلاصة:

والفعل من أسمائه عليكا ... وهكذا دونك مع إليكا

والمعنى الزموا أنفسكم واحفظوها واحرصوا على ما يصلحها، والمقام يبين المحروص عليه وهو ملازمة الاهتداء بقرينة قوله: (إذا اهتديتم) وهو يتضمن معنى الشرط ليشمل جميع ما أمرهم الله تعالى به، فلو قصروا في الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لضرهم من ضل؛ لأن إثم ضلاله محمول عليهم، ولذلك روى أصحاب السنن أن أبا بكر بلغه أن بعض الناس تأول هذه الآية بسقوط فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة: ١٠٥} وإنكم تضعونها في غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٠ جمادي الأولى ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>