للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[من بر الأم نصحها وإرشادها إلى ما فيه مصلحتها]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا رجل قاربت على الخمسين والدتي تركتني من سن أربع سنوات وانشغلت في لهوها في عمل فني ليس جيدا، وتزوجت من رجل آخر ولم تسأل عني وقد رباني والدي رحمة الله عليه تربية إسلامية حسنة ولم تعرفني والدتي إلا حين تخرجت وأصبح لي دخل وأنا كنت أعطيها دون حساب ومات والدي وترك لي أختين من أم أخرى توليت تربيتهما فكانت أمي تعاملهم أسوأ معاملة ذلك لأنهما بدون أم لولا التربية الإسلامية التي رباني عليها والدي فكنت أدافع عنهما وأحميهما من أمي التي كانت دائمة الزيارات لنا بصراحة للاستفادة منا بكل السبل وبعد ذلك تزوجت وأنجبت ولم أجد من والدتي أي مشاعر محبة تجاه زوجتي أو أولادي ومضت السنون ومات زوج أمي وورثت أمي وساعتها وكأنها لا تعرفني وكانت تفضل أبناء بناتها من زوجها الآخر ولا تعير أي اهتمام بأولادي وكانت شديدة اللفظ والقلب مع أولادي وزوجتي حتى أنهم يكرهون زيارتها، أما الآن وقد وصلت أمي سن السبعين من عمرها فبعد موت زوجها من حوالي ثلاث سنوات تزوجت أمى زواجا عرفيا من رجل نصاب يصغرها فى السن ولم أستطع وقتها إلا أن أقاطعها بكل أدب حتى سمعت أنه سرق منها مبلغا من المال وذهب في الوقت الذي لا تعطي أولادي جنيها واحداً ولكوني أخاف الله صالحتها وواظبت على مراعاتها وكانت قد تعرضت لبتر أصبع قدم سكري وكان يمكن أن تبتر القدم حتى الركبة وسألت زوجتي أن أحضر أمي للعيش معنا وهي التي لم تسمع من والدتي أي كلمة طيبة طوال ١٨ سنة هي عمر زواجنا فكان ردها الترحيب بأي قرار أتخذه ورفضت أمي التي تحب أن تعيش وحدها بصحبة أصدقاء هم فى غاية السوء وكنت أعلم أمي تليفونيا قبل زيارتي حتى لا أرى صحبتها، المهم أن والدتي الآن دائمة تغيير الشقق بعد وفاة زوجها حتى بلغت ٥ شقق في ٣ سنوات والآن وبعد كل ما رويته لكم فى زيارة إلى أمي منذ ٣ شهور أخبرتني أنها ستتزوج عرفيا مرة أخرى وهي فى سن ٧٠ سنة لم أستطع الرد وتركتها وقاطعتها من تاريخه، أرجوكم انصحوني ماذا أفعل؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى والمحافظة على بر أمك وتوقيرها والإحسان إليها وخفض الجناح لها ومعاملتها بما يرضي الله عز وجل، فقد فرض سبحانه وتعالى بر الوالدين والإحسان إليهما ولو كانا غير مسلمين، فقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:٣٦} ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:٢٣-٢٤} .

ويتأكد حق الأم أكثر من غيرها، ففي الصحيحين وغيرهما أن رجلاً قال للني صلى الله عليه وسلم: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. ولذلك فإن عليك أن تحترم أمك وتبرها وتحسن إليها.. ومن برها والإحسان إليها أن تنصحها وترشدها وتوجهها إلى ما فيه مصلحتها في دينها ودنياها، وإن كان سكناها بمفردها سببا في انحرافها فعليك أن تسعى في منعها من ذلك بما تستطيع، ولا يجوز لك أن تقاطعها فإن قطيعة الرحم كبيرة من كبائر الذنوب وخاصة إذا كان ذلك للأم، وما كنت تفعله من صلتها والإحسان إليها هو الصواب، وستجد ثوابه عند الله تعالى وعليك أن تستمر على ذلك.

وأما الزواج العرفي إذا استوفى شروط النكاح ولم يكن فيه مانع شرعي فلا مانع منه شرعاً، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: ٥٩٦٢ نرجو أن تطلع عليها، كما نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: ٧٤٩٣٧، والفتوى رقم: ٥٣٥١٨ للمزيد من الفائدة.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٣ شعبان ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>