للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الإسلام يكفر ما كان قبله من آثام]

[السُّؤَالُ]

ـ[رجل زنت زوجته مع شخص ملحد، وهي كانت ملحدة ثم أصبحت حديثة عهد بالإسلام، ولا تؤدي شعائره بشكل منتظم، وقالت أنها كانت مجبرة معنويا وأنها لم ترد ذلك وإنما وقعت تحت ضغط معنوي من صديقها، ولكن في النهاية لم يكن هناك عنف وزنت ست مرات فما حكم الشرع؟ وهل تتوب ويغفر لها الزوج دون ذنب عليه بعد عزمها التوبة؟ فهو في حيرة من الوقوع في الذنب، علماً بأنه اكتشف الحدث دون اعترافها الذي تبع ذلك، وعاشرها بعد علمه به.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالسؤال فيه شيء من الغموض فلا ندري هل كان الزنا قبل إسلامها أم بعده.. فإن كان قبل إسلامها فإن الإسلام يجب ما قبله أي يمحو ما كان قبله من معاص وآثام بشرط الإحسان في الإسلام والقيام بأحكامه وشرائعه دون تفريط، فقد جاء في صحيح البخاري: إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها، وكان بعد ذلك القصاص، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها.

وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أنؤاخذ بأعمالنا في الجاهلية؟ فقال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر.

جاء في فتح الباري لابن رجب فإن المراد بإحسانه في الإسلام: فعل واجباته والانتهاء عن محرماته، وبالإساءة في الإسلام: ارتكاب بعض محظوراته التي كانت ترتكب في الجاهلية, وفي حديث ابن مسعود هذا دليل على أن الإسلام إنما يكفر ما كان قبله من الكفر ولواحقه التي اجتنبها المسلم بإسلامه، فأما الذنوب التي فعلها في الجاهلية إذا أصر عليها في الإسلام فإنه يؤاخذ بها، فإنه إذا أصر عليها في الإسلام لم يكن تائبا منها فلا يكفر عنه بدون التوبة منها. انتهى بتصرف يسير.

أما إن كان الزنا بعد إسلامها, فعلى الرغم من حرمة جريمة الزنا وبشاعتها وعظم ذنبها، إلا أن وقوعه من الزوجين أو أحدهما لا يؤثر في صحة النكاح بينهما، لكن إذا حصل ذلك من المرأة حرم على زوجها أن يقربها حتى تستبرئ رحمها بالحيض ممن زنت منه إذا لم تكن حاملاً وقت الزنا.

وأما بالنسبة لإمساكها أو فراقها فهذا مرجعه إلى حالها بعد وقوع الفاحشة, فإن تابت وحسنت توبتها فالأفضل إمساكها وسترها, وإن لم تتب أو غلب على ظن الزوج إمكان عودتها للفاحشة تارة أخرى, ففي هذه الحالة ينبغي طلاقها, لأن إمساكها في هذه الحالة دياثة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث. الحديث رواه أحمد وصححه الألباني.

وللفائدة تراجع الفتوى رقم: ٩٦٦٨٠.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ ذو الحجة ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>