للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الإنفاق على الإخوة المحتاجين يعد صدقة وصلة]

[السُّؤَالُ]

ـ[أعاده علينا وعليكم العيد بالمن والسلوى, إخوتي في الله لدي سؤال شغل بالي وتفكيري كثيرا: وهو أنني في الحقيقه ليست علاقتي جيدة مع إخواني، بل على العكس فهي جداً رديئة، ولست أنا المخطئة، بل أنا من سماتي الشخصية أن لا أعتدي على أحد إطلاقا ـ ولا أزكي نفسي طبعا ـ ولكن من اعتدى علي فليتحمل ما يأتيه، المهم بما أنني أنا الكبيرة وأنا العاقلة قررت أن أصلح الأمور فيما بيني وبينهم، وقررت أن أحسن إليهم، برغم أنني فعلتها لهم كثيراً، وما كانت ردة فعلهم، إلا الاستهزاء والسخرية، بل إنها وصلت بهم إلى أن يقولوا لي عندما أنفق عليهم من أموالي تستاهلين، لم أنفقت علينا؟ نعم تستحقين أن أموالك ذهبت فينا، أي إنهم يجازونني بالجحد والإنكار، وحقيقة أنهم لا يهمونني إطلاقا، بل إنني أعتبرهم كقطعة أثاث أو اكسسوار، لا قيمة لها، ولكن فكرت فيها لوجه الله ولبعض المصالح الشخصية، فهل لو أحسنت إليهم لوجه الله تعالى كي أكون واصلة لرحمي ومحبة لهم يقبل مني ذلك ويكون لي أجر على عملي؟ ـ أرجو التفصيل في هذه النقطة ـ وهل لو ابتعت لهم بعض الهدايا ـ خاصة وأنهم من النوع المادي ـ بنية الصدقة أولاً، وثانياً لكي أصل رحمي، وثالثا إدخال البهجة لقلوبهم, قبل مني ذلك واعتبر صدقة؟ أتدري لماذا سألتكم؟ لأنني إن فعلت هذا لوجه الله وواجهوني بالنكران والسخرية ـ كما فعلوا سابقا ـ فلن أندم على إحساني لهم إطلاقا كما سبق وشعرت به، لأنه لوجه الله ولن أنتظر منهم الأجر، فالأجر من الله تعالى، وإن لم يحتسب لي ذلك فالأوفر مالي ووقتي وإحساني أفضل لي، أرجوكم رجاء خاصا أن تردوا علي عاجلاً قلت: أرجوكم ـ فأنا لم يبق معي شيء لكي أبتاعه لهم كهدايا، وأخاف إن أطلتم علي أن أنفقها، وخير البر عاجله، أرجوكم أجيبوا على سؤالي بسرعة، واحتسبو أجركم عند الله وأنكم أصلحتم بين الأهل.؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد نهى الشرع عن التدابر والهجران بين المسلمين، فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. صحيح مسلم.

والتدابر والهجران بين الإخوة والأخوات من النسب أشد، فإن بينهم رحماً قد أمر الله بصلتها ونهى عن قطعها فعن جبير بن مطعم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة قاطع. متفق عليه.

فينبغي لك أن تحرصي على صلة إخوتك والإحسان إليهم ولو أساءوا إليك، ابتغاء مرضاة الله وحده، فقد رغب الشرع في ذلك ووعد عليه بالأجر العظيم، فعن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهيرعليهم ما دمت على ذلك. صحيح مسلم.

تسفهم المل: تطعمهم الرماد الحار.

وإذا كان إخوتك محتاجين فإنفاقك عليهم صدقة وصلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على الرحم صدقة وصلة. رواه أحمد وأصحاب السنن وحسنه الترمذي.

واعلمي أن صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق والعمر، فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سرة أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه.

والخلاصة أن إحسانك إليهم ابتغاء مرضاة الله تعالى عمل صالح نرجو أن يثيبك الله عليه، فإنه سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٣ شوال ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>