للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها]

[السُّؤَالُ]

ـ[إذا تم التمكين للمسلمين. فهل ينتظرون أن يعلموا الناس ثم يهدموا مظاهر الشرك أم يباشروا في ذلك؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد أنه: لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوما واحدا، فإنها شعائر الكفر والشرك وهي أعظم المنكرات، فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة البتة، وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا وطواغيت تعبد من دون الله، والأحجار التي تقصد للتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالته....اهـ.

ويدل لهدم مظاهر الشرك ما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة كان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فجعل يطعنها بالقوس ويقول: جاء الحق وزهق الباطل. والقصة مبسوطة في الصحيحين.

وفي صحيح مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي رضي الله عنه ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته.

وفي الحديث أنه قال لجرير بن عبد الله البجلي: ألا تريحني من ذى الخلصة؟ قال جرير: فانطلقت إليه في خمسين ومائة فارس من أحمس حتى حرقتها.

وبعث خالد بن الوليد إلى نخلة فهدم العزى، وبعث أبا سفيان والمغيرة لهدم اللات، وأرسل سرية أخرى لكسر مناة، وأخرى إلى سواع. كما هو مبسوط في كتب السير.

وأما تعليم الناس العقيدة الصحيحة فهو واجب شرعي لا بد منه، فهو أساس دعوة المرسلين وأتباعهم، فلا يغني إزالة رموز الشرك ومظاهره عن إزالتها من قلوب الناس ومحو تعظيمها والغلو فيها من أذهانهم.

بقي أن ننبه على أمر مهم وهو أن هدم هذه الأشياء والقضاء عليها يظل من واجب السلطان المسلم القادر عليه، ولا ينبغي للأفراد العاديين القيام به، لما قد ينجر عنه من أحداث ونعرات، بل قد ينجر عنه سفك دماء واستباحة محرمات، ولا يجوز لأحد أن يغير منكرا إذا كان سيترتب على تغيره منكر أكبر منه.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٣ رمضان ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>