للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تهافت استدلالات منكري الشفاعة]

[السُّؤَالُ]

ـ[لماذا اتفق الزيدية والخوارج على إنكار الشفاعة؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالشفاعة ثابتة بالكتاب والسنة، ومن الأدلة الدالة على ثبوتها من القرآن: قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ (البقرة: من الآية٢٥٥) ، وقال تعالى: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (النجم:٢٦) ، وقال تعالى: يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (طه:١٠٩) ، وقال تعالى: لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً (مريم:٨٧) .

ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي. رواه أبو داود والترمذي بسند صحيح.

وقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل نبي دعوة يدعو بها، وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة. متفق عليه. وفي رواية لمسلم: فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله تعالى من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً.

والشفاعة ثابتة للأنبياء والملائكة والشهداء والصالحين، والأدلة على ذلك كثيرة منها ما في مسند أحمد: ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين أو مثل أحد الحيين: ربيعة ومضر. صححه الأرناؤوط، ومنها ما ثبت في مسند أحمد والترمذي وابن ماجه من أن الشهيد يشفع في سبعين من أقاربه.

والشفاعة أنواع، ولمعرفة أنواعها انظر الفتوى رقم: ٢٢٨٧٢.

وقد أنكر الخوارج والزيدية وغيرهم الشفاعة.

واستدلوا بأدلة المقصود بها الكفار، ومن مات كافراً؛ لقوله تعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ (غافر: من الآية١٨) ، ونحو ذلك من الأدلة التي يقصد بها الكفار. كما يستدلون بعموم آيات وأحاديث الوعيد؛ كقوله في حق القاتل عمداً: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا (النساء: من الآية٩٣) ، وقوله: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً (الجن: من الآية٢٣) ، وقوله: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (النساء:١٤) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما ... الحديث.

ومنهج أهل السنة في نصوص الوعيد للعصاة من الموحدين هو الجمع بينها وبين سائر النصوص حتى لا يضرب كلام الله بعضه ببعض، ولا تكذب النصوص بعضها بعضاً.

ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: ٣١٠٣٣.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٩ صفر ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>