للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الوقف على القبور وعلى النساء دون الرجال]

[السُّؤَالُ]

ـ[نعاني من مشكلة مهمة جداً هنا في ليبيا وهي مسألة ما يعرف (الحبس) ومعنى هذه الكلمة هي أن يحرم الملك سواء كان منزلا أو أرضا أو أي تركة للمتوفى أو على قيد الحياة يوصي أهله بأنه قد حبس هذه الأرض مثلاً لكي تكون للولي الفولاني أو للشيخ الفلاني وتكون حبسا على النساء، أي النساء لا تأخد الميراث دون الرجال....فالرجاء الرجاء الرجاء أن تقوموا بالسؤال عن هذا الموضوع في ليبيا فإنه كارثة كبرى هنا ولازلنا حتى الآن نعمل هذا العمل الجاهلي؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي يظهر أن الحبس الذي عناه الأخ السائل هو الوقف، والوقف هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، فيوقف مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه، وهذا الوقف مستحب في أصله كما بينا ذلك في الفتوى رقم: ٣٨٧٨١، ولكن من شروط صحة الوقف التي ذكرناها في الفتوى رقم: ٧٤٥٠٨، أن يكون الوقف على بر وليس على معصية، وإذا كان القصد هنا هو الوقف على القبر والمشهد كما هو منتشر في كثير من البلاد فلا شك أن الوقف على قبور الأولياء التي تعبد من دون الله تعالى بحيث يعود ريع الوقف على تلك القبور وسدنتها وإقامة البدع فيها أو بناء المساجد فيها كل هذا لا يجوز الوقف عليه لأنه ليس من البر، قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الوقف على تلك المشاهد: وهذا حال المشاهد المبنية على القبور التي تعبد من دون الله ويشرك بأربابها مع الله لا يحل إبقاؤها في الإسلام ويجب هدمها ولا يصح وقفها ولا الوقف عليها. اهـ. من زاد المعاد.

وقال في موضع آخر: فإن الوقف لا يصح إلا في قربة وطاعة لله ورسوله فلا يصح الوقف على مشهد ولا قبر يسرج عليه ويعظم وينذر له ويحج إليه ويعبد من دون الله ويتخذ وثنا من دونه وهذا مما لا يخالف فيه أحد من أئمة الإسلام ومن اتبع سبيلهم. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (١١/ ٣١} : وأما بناء المشاهد على القبور والوقف عليها فبدعة لم تكن على عهد الصحابة ولا التابعين بل ولا عهد الأئمة الأربعة، وقد اتفق الأئمة على أنه لا يشرع بناء هذه المشاهد على القبور ولا الإعانة على ذلك بوقف ولا غيره.. اهـ. مختصرا

واعلم أن منع المرأة من حقها في الميراث عمل محرم ومن أخلاق الجاهلية الأولى، وقد توعد الله سبحانه وتعالى من خالف أمره في قسمة الميراث فقال بعد ذكر القسمة: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء: ١٤} وانظر الفتوى رقم: ٥٩٦٣٣، حول حرمان النساء من الميراث، وكذلك الفتوى رقم: ٣٥٧١٧، حول حكم الوقف على الإناث دون الذكور والعكس.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٨ شعبان ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>