للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ثواب المحسنين دنيوي وأخروي]

[السُّؤَالُ]

ـ[قال تعالى في سورة يوسف: إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.. فما هو تفسير الآية، وهل المعني من الأجر: الأجر في الدنيا أو في الآخرة، وهل السؤال عن الأجر في الدنيا فيه قلة أدب مع الله تعالى؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن أجر المحسنين يشمل أجرهم في الدنيا وفي الآخرة، كما يفيده كلام الشوكاني والسعدي، ويدل له ما ذكر قبل في أول الآية من إنعامه عليه بالسلامة وجمعه بأخيه حيث يقول: أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا {يوسف:٩٠} .. ويدل له أيضاً ما ذكر الله سابقاً من إنعامه على يوسف بالتمكين في الأرض، وبيان أن ما ينتظره من الأجر في الآخرة أكبر، وذلك حيث يقول تعالى: وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ* قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ* وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ* وَلَأَجْرُ الآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ {يوسف:٥٤-٥٧} ، ومعنى الآية كما قال الشوكاني والطبري: أنه من يفعل التقوى أو يفعل ما يقيه عن الذنوب فيراقب الله ويطيعه بأداء أوامره وترك نواهيه، ويصبر نفسه ويكفها عن المحرم، ويصبر على المصائب كالسجن وفراق الأهل فإنه لا يضيع أجره ولا يبطل ثوابه.

ولا حرج على العبد أن يسأل الله تعالى الأجر في الدنيا والآخرة، فقد كان أكثر دعوة يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. كما رواه مسلم وأبو داود عن أنس بسند صحيح.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ ذو الحجة ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>