للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[متى تكون الهجرة واجبة من بلاد الكفر]

[السُّؤَالُ]

ـ[إنني أريد أن أتوب إلى الله وأن أقلع عن المصافحة باليد أو بالوجه للبنات لا أريد أن أعصي الله لا أريد أن أغضب الله إنني أخاف الله شديد الخوف وأحب الله أكثر من نفسي لا أريد أن أفعل الحرام ولا أن أقترفه أريد فقط أن أعبد الله وأن أطيع أوامره وأتمنى أن يدخلني الله الجنة مع الذين أنعم عليهم ومع الصالحين والأنبياء لكن في نفس الوقت لا أجد الرفقة الصالحة ولا أحد من عائلتي يشجعني على الالتزام بالدين بل في بعض الأحيان إخوتي الذين أعيش معهم يطلبون مني أن أحلق لحيتي ... والبيئة التي أعيش فيها ليست ملتزمة ففي المدرسة الأغلبية غير مسلمين والذين هم مسلمون لا يلتزمون يتهاونون كثيرا في أمور الدين الكثير منهم لا يعرف أن الموسيقى حرام أو أن حضور جنازة الكافر لا يجوز وأن يد السارق في الإسلام تقطع وأن الزاني يجلد أو يرجم فاعلها بل البعض يعارض بعضا من هذه الأمور ويقول إنها ليست من الإسلام بدون أن يأتي بدليل شرعي وفي المدرسة ندرس في بعض الأحيان أشياء يمكن أن نقول تسيء إلى ديننا الحنيف الخ وأنا لا أخفي تأثري في بعض الأحيان بتصرفات زملائي العرب المسلمين وكم من مرة انتقدني زملائي الأجانب بأنني متشدد ولا أريد أن أكون منفتحا وبما يتعلق بالمصافحة في بعض الأحيان أضطر للكذب وأقول لبعض الفتيات بأنني صائم ولا أقدر أن أسلم معهن بالوجه الخ ولكن الآن أريد أن أقلع نهائيا عن هذه المصافحة لكن لا أعرف كيف أفعل هذا وكيف أرد على انتقاداتهم وأطلب من فضيلتكم أن ترشدوني إلى الصواب وكيفية الرد على انتقاداتهم وبيان أسباب حرمة المصافحة بين الرجل والمرأة وأريد الأحاديث مع شرحها بالتفصيل التي تحرم المصافحة وكذلك الأمور السلبية والخطيرة التي تؤدي إليها المصافحة بين الرجال والنساء من أجل إقناعهم؟ ++]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن ما تعانيه من قلة الرفيق الصالح المعين على تقوى الله، وكثرة المضلين المفسدين الداعين إلى سخط الله، المشككين في أحكام الإسلام وثوابته القطعية، إنما أكبر أسبابه هو إقامتك في بلاد الكفر. وقد جاء النهي الصريح من رسول الله عن الإقامة في هذه البلاد، فقال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول الله ولم؟ قال: لا تراءى ناراهما. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني.

ولا شك أن الفساد قد عم أنحاء الأرض وطم، ولكن مع هذا كله فبلاد المسلمين – ولله الحمد - أحسن حالا من بلاد الكفار، وهذا لا شك فيه، ولذا فعلى المسلم ألا يزهد في بلاد الإسلام ويرغب في غيرها إيثارا لزهرة الدنيا الفانية، قال الونشريسي رحمه الله في كتابه الموسوم بـ أسنى المتاجر وبيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن. أخرجه البخاري والموطأ وأبو داود والنسائي وقد روى أشهب عن مالك: لا يقيم أحد في موضع يعمل فيه بغير الحق. قال في العارضة: فإن قيل: فإذا لم يوجد بلد إلا كذلك؟ قلت: يختار المرء أقلها إثما، مثل أن يكون البلد فيه كفر، فبلد فيه جور خير منه. أو بلد فيه عدل وحرام فبلد فيه جور وحلال خير منه للمقام. أو بلد فيه معاص في حقوق الله فهو أولى من بلد فيه معاص في مظالم العباد. انتهى.

فبادر - رحمك الله - إلى ترك هذه البلاد إذا كنت لا تتمكن من إقامة شعائر دينك وخفت على نفسك الفتنة، فإن السلامة لا يعدلها شيء، والهجرة في هذه الحال تكون واجبة متحتمة. جاء في فتح الباري: ... أي ما دام في الدنيا دار كفر، فالهجرة واجبة منها على من أسلم وخشي أن يفتن عن دينه. انتهى.

أما أدلة تحريم مصافحة المرأة الأجنبية، فقد سبق بيانها بالتفصيل في الفتاوى رقم: ١٠٢٥، ٢٤١٢.

وأما حكم الموسيقى والغناء، فقد سبق ذكره بالتفصيل في الفتوى رقم: ٥٤٣١٦.

وأما تشييع جنازة الكافر، فقد سبق بيان حكمه في الفتوى رقم: ١١٤٦٢١، ٦١٣٨٠، ٣٥٥٣١. ... ...

وأما قطع يد السارق ورجم الزاني إذا كان محصنا أو جلده إذا كان غير محصن فهذا لا نحتاج للتدليل عليه لأنه من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٩ ذو الحجة ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>