للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم تكفير المسلم بغير بينة]

[السُّؤَالُ]

ـ[اختلفت مع زميل لي في موضوع هو أن تلميذا في مدرستنا وهو من أصل عربي ومسلم ضرب أحد حراس المدرسة وقال لي صديقي إن ذلك الشخص ليس بمسلم وإنه خارج الملة لأنه لا يصلي وما فعله سيئ وأنا أجبته أننا لا يمكننا أن نقول ذلك بل هو مسلم وعربي وعما فعله فهو ليس من أخلاق المسلم ولكنه ارتكب معصية ولنا أن ننصحه وأن نعرف الأسباب التي دفعته لضرب ذلك الحارس وأننا لا يمكننا معرفة إن كان ذلك الشخص يصلي أم لا، وإن كان لا يصلي فهدا لا يجعله كافرا لأن هنالك خلافا في ذلك، فمن تركها كسلا فهو لا يخرج من الملة ومن تركها جاحدا فهو كافر وكذلك هو لديه أربعة عشر عاما تقريبا وأظن أنه لا يعرف الكثير عن دينه لأن هنا في الغرب الآباء لا يدرسون ولا يعلمون أبناءهم مسائل دينهم، وقال آخر أنا أكره العرب وهو نفسه عربي، وقال فنجد أن النصارى عنصريين ولهم دوافعهم مثل ذلك الفعل، وقلت لهم لا يمكنكم أن تكرهوا أنفسكم لأن ذلك جريمة وأن الناس مختلفون فمنهم من هو جيد ومنهم من هو سيئ، وما أثار غضبي أنهم قالوا ذلك إما انجليزي لكي يأخذ نظرة سيئة عنا بأننا لا نحب بعضنا ولسنا متفقين رغم أنهم هم أيضا لا يحاسبون أنفسهم ولا ينظرون إلى أعمالهم وهذا سيئ جدا.

فهل يمكن للإنسان أن يحكم على شخص آخر غيره أنه ارتكب معصية؟

وشكرا لكم.]ـ

[الفَتْوَى]

خلاصة الفتوى:

لا يجوز للمسلم أن يصف أخاه المسلم بالكفر ولو كان ظاهره الفسق.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تكفير المسلم سواء كان عربيا أو غير عربي يعتبر أمرا خطيرا وزللا عظيما، فلا يجوز للمسلم أن يصف أخاه المسلم بالكفر ولو كان ظاهره الفسق، ويكفي في بيان خطورة ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه. رواه مسلم.

وروى الترمذي: ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقاتله.

قال ابن تيمية: وليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وان أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة. انتهى.

والتكفير بترك الصلاة فيه تفصيل وفيه خلاف بين الفقهاء كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: ١١٤٥.

ومع ذلك فإن ما قام به ذلك الشخص من الاعتداء على الحارس ليس من أخلاق المسلمين إلا إذا فعل ذلك رادا بالمثل أو كان اعتدى عليه ودافع عن نفسه.

ولقد أصاب الأخ السائل في إنكاره على من قال أنه يكره العرب فإن هذا الكلام يدل على تنكر الشخص لأصله وإعجابه وانبهاره بالغير، فإن مسلمي العرب مثل غيرهم من المسلمين فيهم المحسن والمسيء، وكراهية العرب إطلاقا لا تدل على خير لأن هذا العموم يدخل فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نص الفقهاء على أن من لعن العرب وقال أردت الظالمين منهم يؤدب حتى يرتدع، وإن لم يقل أردت الظالمين قتل.

ففي شرح الخرشي على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول خليل في باب الردة: أو لعن العرب, أو بني هاشم, وقال: أردت الظالمين يعني أنه.... يؤدب اجتهادا من لعن العرب, أو لعن بني هاشم وقال: أردت الظالمين منهم , ... ومفهوم كلامهم أن هذا الساب لو لم يدع إرادة الظالمين في المسألتين قتل ولا إشكال فيه. انتهى بحذف.

فسب العرب جملة أمر عظيم إذا، فعلى هذا الأخ أن يتنبه لذلك ويتحرز من الكلمات التي تضره وهو لا يلقي لها بالا.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٨ جمادي الأولى ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>