للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم من قال: عادي هذه المحرمات هي التي أحبها]

[السُّؤَالُ]

ـ[امرأة نصحتها بترك بعض المحرمات كنمص الحواجب والخروج متعطرة بلا حجاب شرعي؛ فغضبت وأرسلت لي رسالة على الهاتف تقول فيها "عادي هذه المحرمات هي التي أحبها أنا" سؤالي: هل هذا الكلام كفر واستحلال للحرام، مع العلم بأنها تقول: إنها قالت هذا لما غضبت لتستفزني؛ مع اعترافها وعلمها بحرمة تلك الأمور ... وإذا كان هذا الكلام يعد كفراً فماذا يلزمها فعله حيث إنها قادمة على عقد قران والذي من شروط صحته الإسلام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه المقولة التي أرسلتها هذه المرأة على قبحها ونكارتها، لا يُقطع فيها بمعنى الاستحلال؛ فإن لفظة (عادي) التي صدَّرت بها مقولتها تلك، يحتمل أنها تقصد بها أن عادتها وعادة أكثر الناس من حولها قد جرت بارتكاب هذه المحرمات ... ولا يخفى أن كل عاص يحب المعصية لشهوة نفسه، وإن كان يبغضها لإيمانه وعلمه بحرمتها.

فإعلان الإنسان أنه يحب الشيء الفلاني مع علمه بحرمته وإقراره بذلك شيء معلوم. فمجرد ارتكاب المحرمات والتهاون بشأنها لا يدل على الاستحلال، كما أن الاستحلال يتحقق بمجرد اعتقاد حلها وإن لم يفعلها المستحل لها، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: ٥٥٨٥١.

أما إذا كانت هذه المرأة قالت ما قالت استهزاء بأحكام الدين وسخرية به، وقالت ذلك متعمدة، فإن ذلك كفر أكبر، والعياذ بالله؛ لقوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُون َ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة:٦٥- ٦٦} ، وقد سبق تفصيل ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٧٨٦٠٢، ٤٢٧١٤، ٢٦١٩٣، ٤٨٧٩٠، ٧٥٤٤٥. كما سبق بيان ضوابط التكفير وخطر الكلام فيه، في الفتوى رقم: ٧٢١.

وبناء على ما سبق.. فإذا كانت هذه المرأة لم تقل ذلك مستحلة للحرام، ولا مستهزئة بالدين، فما قالته حرام ولكنه لا يصل إلى الكفر، وإنما هو من عثرات اللسان، وهو كثير المهالك، ومن هنا ننبه إلى خطورة اللسان، وأن الواجب على المسلم أن يحفظ لسانه، ونرجو أن تراجع الفتوى رقم: ٥٧٨٦٥، وكذلك يجب على المسلم أن يحرص على ضبط النفس عند الغضب. وتراجع في ذلك الفتوى رقم: ٥٨٩٦٤.

وعلى أية حال فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً، سواء من مقولتها هذه، أو مما ترتكبه من المحرمات كالنمص والخروج متعطرة وبلا حجاب شرعي.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٠ ذو القعدة ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>