للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الترغيب في الإنفاق على الزوجة والأولاد]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا متزوجة من رجل لا أقول بخيلا إنما حريص جدا والنقود متوفرة بين يديه بحمد الله بوفرة وليس من مبدأ عدم الإسراف بل من مبدأ حب جمع المال لكنه ولله الحمد يؤدي الزكاة وقليلا ما يعطي الصدقات حاولت معه مرارا وتكرارا أن يوسع علينا مما رزقه الله وأنا لا أشكو من القلة فالحمد لله الخير موجود ولكني عشت في بيت أهلي بأوسع بكثير من ذلك وقلت له بأن خير صدقة ينفقها على أهله والأولاد دائما يحبون أن نشتري لهم الحلويات والأشياء الأخرى حتى أنا إذا اشتهيت شيئا أو رغبت فيه وخاصة في فترة حملي الذي يكون صعبا للغاية فإني لا أتناول شيئا فترة الحمل وربما مرة أو مرتين اشتهيت شيئا فلم يشتره لي لأنه غالي الثمن كما يقول مع أن ثمنه فوق العادي بقليل وليس ضروريا أن آكله وحتى حين كنت عروسا لأقل من أسبوع وكنا مثلا نتمشى أو نتنزه وطلبت شيئا يقول لي لا إنه غالي الثمن سأشتريه لك فيما بعد من مكان آخر، وابني يعاني من مشكلة حساسية البيض والمكسرات ويجب أن نشتري له حلويات خاصة فهو يرفض شراءها له ويقول ليس من الضروري أن نطعمه إياها، ويختار من كل شيء أرخص الأنواع حتى أني أطلب منه هدية أو أن يتذكر مناسباتنا الخاصة ليجلب لي هدية فيتهرب مع أني دائما أحاول أن أجمع ولو شيئا بسيطا لأقدمه له كهدية في أي مناسبة ويرفض أن يشتري لوازم البيت من أدوات كهربائية وغيرها والآن كلما جاءت الفواتير في آخر الشهر وحسب مصاريف البيت يغضب وينفر مني ويخاصمني ويجادلني ويطلب توفيرا أكثر وبصعوبة أجمع بعض النقود بعلمه ولكن بغضاضة أيضا وحين يعلم ذلك يقول لي أنت لست حرة التصرف بها ولن أسامحك اذا صرفتها على ما تشتهينه أو تريديه من أغراض البيت دون موافقتي وهو لا يوافق على أي شيء ولا هو يريد أن يشتريها لي مع حاجتي لها في أمور البيت وحتى حين يعطيني نقودا بدل الهدايا أو كمصروف لي وهذا نادر جدا يقول لي لا أسامحك ولا تصرفيها إلا بإذني ويجب أن أعرف أين ولماذا وسؤالي هو:

هل يحق لي صرف ما أدخره دون علمه فيما أحتاجه أنا حتى ولم يكن راضيا فأحيانا أشتهي أن أشتري هدايا لأبنائي أو أصدقائي أو أهلي ويرفض وحين أسأله هل هذا المال لي يقول نعم ولكن صرفه يجب أن يكون بعلمي هل يحق لي أن آخذ من نقوده شيئا دون علمه مع العلم أنه طالب موفد والدولة تعطيه دخلا إضافيا على الزوجة والأولاد منفصلا عن راتبه تماما بل إنه يأتي باسمي واسم الأولاد ولا نأخذ منه شيئا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، وقد حث الإسلام الزوج على الإنفاق على بيته ووعده الأجر على ذلك، فعن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك. متفق عليه.

كما أن الزوجة مؤتمنة على مال زوجها ومسؤولة عنه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها. رواه البخاري ومسلم.

ولا يحق للمرأة أن تأخذ شيئاً من مال زوجها بغير إذنه ما دام ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، أما إذا كان الزوج شحيحاً بالنفقة، فإن للمرأة حينئذ أن تأخذ من ماله بغير إذنه بالمعروف، فعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله؛ إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم. فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.

وعلى ذلك؛ فإنه يجوز لك أن تأخذي من مال زوجك دون علمه ما تحتاجينه لك أو لولدك بما يعد في العرف في حدود الكفاية لكم، اعتباراً بحالك وحال زوجك.

أما ما تدخرينه بعلمه، فالأصل أن ما يعطيه لك حكمه حكم الهبة، وعليه.. فإذا حزته فلك الحق في التصرف فيه ولو بدون علمه.

وننبه السائلة إلى أن التهادي بين الزوجين أمر مستحب يجلب المودة، لكن لا يجوز أن يكون ذلك في مناسبات لا يقرها الشرع كأعياد الميلاد أو أعياد الزواج، لما في ذلك من تشبه بغير المسلمين وقد أمرنا بمخالفتهم وعدم التشبه بهم.

وننصح السائلة أن تصبر على سلوك زوجها ولا تقابله بتقصير في حقه، فإن حق الزوج عظيم، وعليها أن تتلطف في نصحه وتوجيهه إلى الخلق الطيب، مع الاستعانة بالله ودعائه، فإن الله قريب مجيب.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٧ شوال ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>