للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[لا تترددي في قبول صاحب الدين والخلق بعد استخارة الله]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر الثلاثين لكني محبطة جدا سوف أحكي لكم مشكلتي من الأول أنا حاصلة على مؤهل دبلوم تجارة سنة ٩٧ والدي كان يريد أن أحصل على الشهادة الإعدادية لأن مجموعي كان ١٥٧ ولكني كنت أريد أن أكمل تعليمي والدتي تحملت كثيرا من أجلنا كانت تذهب إلى الإداراة كي تقوم بتحفيض المصاريف وأنا وأختى التوأم كنا نعمل حتى نوفر باقي مصاريف مدرسة التجارة -خدمات- وكنت أذهب إلى الأساتذة كي أستعطفهم أن يعطونى الدرس الخصوصى مجانا لأن والدي لا يعطيني شيئا مع العلم بأنه كان يدخر فلوسا ومرت الأيام حتى حصلت على دبلوم التجارة أنا وشقيقتي وبعدها مباشرة عملت في محل أدوات كهربائية وأختى كانت تعمل هي الأخرى وذلك لنجهز أنفسنا ونقوم بمساعدة والدتي في مصاريف البيت حتى لا يسمع صوتنا الجيران. والدي كان يعمل موظفا وكان يصرف له مصاريف مدارس وعيد ورمضان لم نر شيئا من هذه الفلوس كنت أشتري ملابسي وأساعد في ملابس إخوتى وهو كان يقول من أين؟ ويعطي والدتى ١٢ جنيها مصروفا في اليوم هل ١٢ جنيها تكفي أسرة مكونة من ٧ أفراد بدونه. هو يحضر أكله لوحده، مرت السنون حتى أصبحت عندي ثلاثين عاما وأنا أعمل في أماكن متعددة، ودائما لا آخذ منك ولا من إخوتك شيئا، وأنا مسئوله عن نفسي، أنا واثنان من أخواتي لا نطلب منه حاج، مع أنه معه فلوس معاش مبكر حوالي ١٠٠٠٠ جنيه، وراضين وساكتين طوال العشرة سنوات التي مرت تقدم لي عريسان كنت أتمنى أن أرتبط بأحدها ولكن ربنا ما قدر لا أدري هل ظروفنا لم تعجبهم؟ رضيت وسكت حتى تقدم لي من حوالي شهر عريس آخر يصغرنى بعامين وقلت له ووافق ولكنه ليس على قدر من الجمال ولكنه يحبنى ويتمنى يرضيني بأى حال من الأحوال، ولكن ليس هذا الذي أتمناه هو شخص طيب لكني مترددة هل أوافق عليه أم لا مع العلم بأني لدي ٣٠ عاما وأخاف أكون أتجنى عليه، زميله في العمل يقول في حقه كلاما طيبا، وبعد ذلك أندم على هذه الفرصة ربما تكون الأخيرة مع العلم بأنه تمت خطوبتي مرتين ولم تستمر حتى ٦ شهور، الأول لم يكن جادا، والثاني اتضح لي أنه متزوج مرتين، كنت أعلم أنها مرة واحدة، ولكن الله نور بصيرتى وأنا في زيارة لهم لأرى الشقة قال أخوه يارب تقدري تعملي مالم يقدر عليه الاثنتان قبلك، وعلمت بعد ذلك أنه لا يقدر على الإنجاب أو الزواج وأن كل واحدة كانت تتركه بعد ٣ أشهر أو ٦ أشهر، وحمدت ربنا كثيرا، مع العلم أن والدي لا يقوم بالسؤال على أحد يتقدم لنا، نسيت أقول نحن ٥ بنات وولد، أصغر واحد ١٧ عاما معقد منه لا يحبه، وأقوم بالسؤال عنه أنا ووالدتي أو أتحمل نتيجة اختياري مع العلم بأن هذا العريس سوف يتزوج بعد عام، توجد أشياء أخرى لا أريد أن أقولها. أنا تعبت جدا أنا وأخواتي لم يتم الزواج لواحدة منا حتى الآن مع أننا عندنا ٣٠، ٢٨، ٢٥، ٢٣.

ماذا أفعل بالله عليك، أنا محتارة، مع العلم بأني صليت صلاة استخارة أكثر من مرة، عندما أتكلم معه أكون مرتاحة، ولكن في شعور أحيانا يقول لي لا. هل هذا خوف مما أنا فيه ومما أرى أمي فيه من أن والدي لا يعطي نقودا لتشتري حتى جلبابا لها منذ اكتر من ٢٠ سنة أنا عارفة أني أطلت عليك أنا آسفة. قلي ماذا أفعل؟ وشكرا جزيلا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان والدك كما ذكرت، فهو ظالم بترك الإنفاق على زوجته وأولاده بالمعروف مع قدرته على ذلك، لكن هذا الظلم لا يبيح لكم مقاطعة والدكم أو التقصير في بره، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:١٤}

أما عن سؤالك، فإذا كان هذا الشاب الذي تقدم إليك على دين وخلق ووجدت في نفسك قبولاً له، فلا تترددي في الموافقة عليه بعد استخارة الله عز وجل، فإن المعتبر في اختيار الزوج الدين والخلق، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ. رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه الألباني.

وأما إذا كان غير مرضي الدين أو الخلق، فلا ننصحك بالموافقة عليه، ولا تخشي من ضياع الفرصة، فإن الله قادر أن يعوضك خيراً منه، ولعل الله قد أخر زواجك وزواج أخواتك لحكمة يعلمها، فقضاء الله خير للعبد، فهو سبحانه أعلم بمصالح عباده، وأرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، فينبغي التسليم لأمره والرضا بقدره.

واعلمي أن الخاطب حكمه حكم الأجنبي عن المرأة حتى يعقد عليها، ولمعرفة حدود تعامل الخاطب مع المخطوبة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: ١٥١٢٧.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٣ محرم ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>