للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[العدل بين الزوجتين المقيمتين في بلدين مختلفين]

[السُّؤَالُ]

ـ[أعيش في الولايات المتحدة إماماً وداعية ولا أريد أن أفتي لنفسي في هذه المسألة، وهي أنني متزوج من اثنتين أحداهما في وطني العربي مع أولادها وأرسل إليها النفقة المطلوبة والأخرى أمريكية مسلمة ليس لي منها أولاد وتعيش معي، والسؤال هو: أنني أقضي مع المسلمة معظم وقت العام لظروف عملي وأذهب لشهر أو شهرين أقضيه مع الأخرى، فهل يجوز ذلك، ثانياً: هناك اختلاف في النفقة لظروف المعيشة المختلفة، ثالثاً: إنني جعلت لأم أولادي مصروفا خاصا بها شهريا لأنها هي التي ساعدتني كثيراً في حياتي وتحملت معي حياة الشدة والفقر وتخدم أولادي الخمسة وحدها ولم أجعل ذلك المصروف للأخرى لأنها لا تحتاج إليه فلها دخل خاص بها حتى قبل أن أتزوجها بل أحيانا تساعد في بعض مصاريف المنزل أيضا، علما بأنني الذي أقوم بدفع إيجار السكن الشهري، وبعض الفواتير الأخرى، علما بأن مثلي كثيرون فما هو البرنامج الشرعي الصحيح لمثل هذه الحالات؟ جزاكم الله خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يخفى عليك أخي أن الله عز وجل أوجب العدل بين الزوجتين أو الزوجات في المبيت وحرم إيثار بعضهن على بعض فيه بغير رضا من صاحبة الحق.

والعلماء عندما تكلموا على مسألة القسم بين الزوجات لم يفرقوا بين من كن يسكن مع الزوج في مكان واحد وبين من كن بعيدات عنه مجتمعات أو متفرقات، ولذا فإنا نرى أنه يجب عليك أن لا تؤثر من تسكن معك في الزمن على الغائبة، لكن لك أن تقسم بينهن الزمن على حسب ما لا يشق بك ولا تكليف عليك فيه.

وقد نص ابن قدامة رحمه الله على هذه المسألة مفصلا لها فقال: فإن كانت امرأتان في بلدين فعليه العدل بينهما لأنه اختار المباعدة بينهما فلا يسقط حقهما عنه بذلك، فإما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها، وإما أن يقدمها إليه ويجمع بينهما في بلد واحد، فإن امتنعت من القدوم مع الإمكان سقط حقها لنشوزها، وإن أحب القسم بينهما في بلديهما لم يمكن أن يقسم ليلة وليلة فيجعل المدة بحسب ما يمكن كشهر وشهر أو أكثر أو أقل على حسب ما يمكنه، وعلى حسب تقارب البلدين وتباعدهما. انتهى كلامه.

وعليه فإنه يجب عليك أحد شيئين وهما: العدل بين الزوجتين، أو استرضاء من بعدت عنك ومصالحتها، فإن الصلح بين الزوجين على إسقاط المبيت كله أو بعضه وكذا النفقة جائز لقول الله تعالى: فَلَا جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْر {النساء:١٢٨} .

وأما جواب سؤالك الثاني والثالث فالواجب على الزوج هو العدل بين الزوجات في النفقة الواجبة لا فيما عداها، ولذا فلا مانع أن تزيد بعضهن لحاجتها واختلاف حالها، وانظر الفتوى رقم: ٥١٠٤٨، والفتوى رقم: ٥٣٣٧٨.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٢ شوال ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>