للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[زوجها عمها تنفيذا لوصية أبيها قبل موته]

[السُّؤَالُ]

ـ[تزوجت ابنة خالتي بدون موافقة أمها بسبب أن أمها تريد مصلحتها تريد أن يكتب لها قائمه بالمنقولات ومؤخر صداق كبير لتضمن لها حقها حتى لا تجرب ما عاشت هي فيه، ولكن البنت حين رأت أن خطيبها مصمم على أن لا يكتب ولا يتنازل عن شيء تركت المنزل وذهبت لأبيها الذي هو منفصل عن أمها ولم يرض أن يكون وليها في الزواج إلا عند ما تنازلت أمها عن جميع حقوقها من أجلها وأخذ أبوها الموضوع تحديا لطليقته التي عاشرته ثلاثين عاما وحدد لابنته موعد زفافها، وقبل موعد الزفاف بشهر توفي الأب إلى رحمة الله وترك وصية لإخوته بأن يزوجوا ابنته فظلت البنت عند أهل أبيها حتى زوجوها من ثلاثة أيام والآن خالتي قلبها يحترق وتبكي ليل ونهار لأنها ضاعت منها ابنتها وأنها ارتدت فستان الزفاف وهى ليست معها، مع العلم أن أم زوج البنت وأخته وأباه تجاوزوا على خالتي بالألفاظ الجارحة والبنت في صفهم ومعهم زوج البنت إذا رأى خالتي في أي مكان يسبها ويقول لها (انت عايزه مننا ايه برضه حتجوزها غصب عنك) وحين تتصل بها أمها وإخوتها ليعلموها أنه رجل سيء ولا يحترم أمها ترد ببرود وكأن أمها عدوتها وتقف في طريق سعادتها مع العلم أنها قبل زواجها لم تحاول بأي طريقة أن تصالح أمها ولو باتصال هاتفي وعقد قرانها ولم يكتب لها مؤخر صداق ولا قائمة منقولات وفى شقه إيجار لمدة سنة. ما حكم هذه البنت عند الله؟ وخالتي ماذا نفعل معها مع العلم أني أحاول الإصلاح لكن خالتي ترفض رفضا تاما وتدعو عليها وتقول هي ماتت هل ابنة خالتي عليها إثم كبير وهل صحيح الدنيا كما تدين تدان؟ أرجو الإجابة الشافية لأن الموضوع يؤرقني جدا وأشعر بالخذلان لأني لم أستطع التوفيق بينهم قبل ذلك ولم تعد بنت خالتي تسمع لي أي كلمة.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي يتولى عقد زواج البنت أبوها أو من يوكّله في تزويجها، ثمّ الأقرب من عصباتها، ولا يصحّ أن تقوم الأمّ بتزويجها، وانظري التفصيل في الفتويين: ٦٣٢٧٩، ١٠٣٤٩٩.

وبعد وفاة والد تلك الفتاة فإن كان قد عقد زواجها قبل وفاته فلا إشكال في صحة الزواج، وإن لم يكن قد عقد العقد كان الواجب أن يزوجها أخوها إن كان لها أخ بالغ، لكن ما دام الأب قد وصّى إخوته بتزويجها، فتزويجهم صحيح.

قال ابن قدامة: واختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله هل تستفاد الولاية في النكاح بالوصية؟ فروي أنها تستفاد بها. وهو قول الحسن وحماد بن أبي سليمان ومالك. المغني.

وما فعلته هذه الفتاة من الانتقال إلى بيت أبيها حتى يزوجّها لا يعد عقوقا لأمّها، كما أنّ رضاها بعدم كتابة زوجها لمؤخر الصداق أو قائمة المنقولات، لا حرج فيه، لكن إذا كانت قد قاطعت أمّها وهجرتها فذلك من العقوق وهو من أكبر الكبائر وعليكم أن تنصحوها في ذلك وتبينوا لها أنّ برّ أمّها من أوجب الواجبات عليها وأنّ حقّها عليها عظيم، وما دامت الفتاة سعيدة مع زوجها فينبغي لأمّها وإخوتها أن يسعدوا بذلك، وليحذروا من الإفساد بينها وبين زوجها فإنّ ذلك من المحرمات، ولا يجوز لأمّها أن تدعو عليها، وإنّما ينبغي أن تدعو لها بالصلاح والهداية، فإن دعوة الوالدين لولدهما من الدعوات التي لا ترد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

وأمّا عن صحة قاعدة: كما تدين تدان، فهذا لفظ حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ضعّفه أهل العلم، وقد ورد في الشرع ما يدلّ على أنّ الجزاء من جنس العمل، لكن إذا تاب الإنسان فإنّ التوبة تمحو ما قبلها، وانظري الفتوى رقم: ١٩٠٣١.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٤ ذو القعدة ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>