للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[إذا لم تفعل الزوجة المحلوف عليه فلا يلزم زوجها طلاق ولا كفارة]

[السُّؤَالُ]

ـ[لدي مشكلة تؤرقني وتهز مضجعي كل ليلة: أنا رجل متزوج ورزقني الله بطفلتين ولله الحمد، تزوجت وأنا في سن صغيرة ولا أعرف أحكام الزواج ومشاكله. المشكلة أنني كنت في عراك دائم مع زوجتي حتى أنه في يوم أخذت تسخر مني وتشتمني، وبلغ مني الغضب مبلغه وأخذت تقول لي طلقني، ومع الغضب وشعوري بانتقاصها من رجولتي، قلت لها: لك ذلك، وبعدها كأنها تفاجأت وبدأت تصيح وتقول لي يعني أنت الحين طلقتني؟ وعندها وكأن شيئا أيقظني حيث كنت أشعر نفسي في مكان آخر، واسترجعت عقلي وندمت على فعلتي. الحادثة الثانية كنت في سفر، وبعد أن جامعت زوجتي ولم نطهر بعد لا أعلم ماذا حدث، ولكن نشبت بيننا مشكلة وقلت لها والله لو كذا قلت فأنت بما معناه لست زوجتي ولم أتلفظ بلفظ الطلاق. وبعدها عند ما وعيت سألتها إذا كانت قد فعلت ذلك وقالت ما قالته، فأجابت بالنفي أي أنها لم تفعل. وحينها عاهدت نفسي على أن لا أغضب أبدا، ولكن الغضب وللأسف كان يأتيني دائما، وأخيرا الذي حدث أني كنت أقول لها كنت كمن يعقد الحلف على هذا الأمر ولله الحمد كانت لا تفعله، وكنت أخرج كفارة يمين لأن نيتي كانت أن أهددها وأن أردعها فقط. الآن أنا لم أعد أذكر هذا الأمر أبدا، وأصبحت أراعيه جدا ولا أتلفظ به، وإذا غضبت فإني أترك المكان حتى لا يزيغ لساني، ولكن أصبحت حالتي وللأسف وسواس. فكل فترة أفكر وأقول هل علاقتي بها حلال أم ماذا؟ والوساوس هذه لا تنفك تأتيني وتذهب عني ولا حول ولا قوة إلا بالله. حتى في بعض الأحيان يتبادر إلى ذهني أني قد طلقتها ٥ طلقات، وبعض الأحيان يتبادر الأمر في نفسي وفي فكري، والآن أنا في حيرة من أمري. ويشهد الله أن الأمر كان كله من غضب وزعل شديدين ولم أتلفظ بلفظ الطلاق صراحة. وإنما كناية كما أوضحت سابقا. أنا أعيش في حالة من الوسواس، لا أدري أكمل حياتي معها أو أطلقها ولا أرجعها لذمتي وهي الآن حامل في الثالث مني وتلد بعد أشهر؟ ولا أدري أحلال هو أم لا؟ أفتوني وأريحوني وأزيحوا همي أزاح الله همومكم وهموم المسلمين؟ وأي استفسار الرجاء إرساله لي بالايميل للاستيضاح.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الصيغة المذكورة التي أجبت بها زوجتك عندما سألتك الطلاق فيها تفصيل نظرا لملابسات الحال من غضب ونحوه فنقول:

إن كان الغضب قد بلغ بك مبلغ الإغلاق كأن يكون الغضب قد صيرك في وضع لا تدري فيه ما تقول ولا تشعر به أو تدري وتشعر به ولكنك لا تستطيع دفعه، فخرج منك الطلاق دون قدرة على دفع التلفظ به، فلا يقع الطلاق. وراجع الفتوى رقم: ١١٥٦٦.

أما إن كان الغضب لم يبلغ بك هذا المبلغ، فينظر حينئذ في نيتك وقصدك، فإن كنت تقصد إيقاع الطلاق عليها فقد وقع، وإن لم تقصد إيقاعه فلا يقع، لأن قولك:- لك ذلك- يعتبر من كنايات الطلاق، وكنايات الطلاق لا يقع بها الطلاق إلا بالنية على الراجح من كلام أهل العلم.

جاء في المجموع شرح المهذب: فإن الكنايات كل كلمه تدل على الطلاق وغيره كهذه الألفاظ التي ساقها المصنف وما أشبهها من الكلام، فإن نوى بذلك الطلاق وقع عليها الطلاق، وإن لم ينو به الطلاق لم يقع عليها الطلاق، سواء قال ذلك في حالة الرضا أو في حالة الغضب، وسواء سألته الطلاق أو لم تسأله. انتهى.

أما ما تذكر من حلفك عليها سواء كان بالطلاق أو غيره فلا يلزمك فيه شيء لا كفارة يمين ولا غيرها، ما دامت لم تفعل المحلوف عليه.

فأمسك عليك زوجك واتق الله، ودع عنك الوساوس، فإن مآلها خطير وعواقبها مردية وخيمة، وإذا اتبعها الإنسان وانساق وراء هواجسها وأوهامها حولت حياته إلى جحيم لا يطاق. وقد بينا هذا في الفتاوى التالية أرقامها: ١١٠٥٩٨، ١٠٤٧٦٩، ٧٠٤١٤.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢١ رجب ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>