للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم الاتفاق أن يكون مال المضاربة قرضا والربح بالتساوي]

[السُّؤَالُ]

ـ[أود أن أستفتيكم في قضية معقدة وشائكة، راجيا أن تجيبوني بالدقة لمعرفة حقوقي وحقوق غيري في القضية عسى الله أن يهدينا سواء السبيل والله من وراء القصد وأجركم على الله. رزقني الله مبلغا من المال، فأردت استثماره في الحلال لأنني كنت دائما ـ والحمد لله ـ حريصا على الكسب الحلال، وذات يوم اقترح علي صديق يتاجرفي العطور ـ أحسبه مؤمنا والله حسيبه ـ اقترح أن أعطيه مالي ليستثمره لي في الحلال ووعدني بأرباح غيرمحددة، ولجهلنا معا بعقود التجارة والشراكة والحلال والحرام في الربح والخسارة اقترحت عليه أن نتكاتب عند موثق فأبى ذلك، ولما كان شرطي المكاتبة اضطر إلى الموافقة، فاشترطت عليه بعد أن ساورتني شكوك في صدقه أن يكون هذا المبلغ المتاجر فيه قرضا يعيده لي في فترة محدودة بينما تكون الأرباح بيننا بالتساوي، فوافق على هذه الشروط وتم التكاتب عند الموثق برضا الطرفين وقد حدد بنفسه المهلة التي يتم فيها سداد المبلغ وكيفية سداده. وكنت أملك سيارة فاقترح علي استغلالها في التجارة والتنقل لترويج السلعة فاشترطت عليه أن يكون ذلك خارج الاتفاق الأول أي أن السيارة تكون نفقاتها مستقلة كي لا تختلط الأمور وتكون نفقاتها بيننا حسب الاتفاق وهو ماكان. وكان يسدد بعض الدين في البداية، ثم حدث بعد ذلك أن شريكي بدأ يماطل في تسديد الدين بحجة أن التجارة كاسدة في تلك الأيام مع العلم أنه أكد لي قبل دخولي معه كشريك أنها تجارة رائجة ومربحة، وذكرته مرارا بالعقد الذي يربطنا ولكنه كان يتهرب مني ويأبى سداد الدين، وحين استفسرت بعض الشيوخ علمت أن القرض الذي يأتي بفائدة هوعين الربا الذي كنت تحاشيته طول حياتي مع البنوك، مع العلم أنني عند الدخول معه في الشراكة كانت نيتي الحلال لا غير، ولما بدأ يتهرب مني ذهبت إليه وأعلمته أنني مخافة الوقوع في الحرام بسبب الفوائد، قررت أن لا آخذ أي سنتيم زائد على المبلغ الذي دفعته له، فأنا أقبل برأس المال فقط مع أنني دخلت بنية التجارة ومكتابتي للمبلغ لم يكن إلا على سبيل الاحتياط لا على سبيل القرض الذي يجر الفائدة.

أما وقد وصلت الأمور إلى الحد الذي لا يعطيني فيه لاربحا ولا فائدة ولا رأس مال، وأصبح يتهرب مني ويعدني ويخلف المواعيد ويكذب علي، فقد قررت أن أعتبر المبلغ قرضا أسترده وما كان من ربح أو خسارة أو تهاون فهو له. ولكنه مع هذا أصر على أن لا يسدد الدين ولا يوضح لي الخسارة أو الربح وكنت اتفقت معه على أن لا أتدخل في شؤون البيع فهو حر في التصرف، فالمهم بالنسبة لي أن يعمل ويربح ونتقاسم الربح

مع العلم أنه أكد لي مسبقا أن الخسارة غير واردة وأن الربح مضمون فهو أطمعني وغرر بي. وحدث أن حجزت الجمارك بضاعتنا فتدخلت بوساطة أحد الأصدقاء وتم إعادة سلعتنا دون رسوم وغرامات إضافية.

والآن وقد مرت ثلاث سنوات لم يسدد فيها الدين لجأت إلى المحكمة للفصل بيننا في القضية وهو ما سبب دفع نفقات إضافية تتعلق بالإجراءات والدفاع والتنقلات وما يترتب عنها. فالسؤال:

... *١/هل هذا العقد صحيح أم لا في بدايته؟ أي الدخول بنية التجارة والمكاتبة عند الموثق على أساس أنه قرض بسبب مخاوف وهو ما تأكد لاحقا. *٢/ هل يجوز لي شرعا المطالبة برأس المال فقط والتنازل عن الربح أو الخسارة مهما بلغا؟ *٣/ هل يجوز لي المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناتجة؟ حقوق الدفاع وحقوق المقاضاة والتنقلات وما نتج عن تماطلاته في سداد الدين؟ *٤/إذا كانت هناك إضافات أرجو توضيحها حتى آخذ حقي فقط على الوجه الشرعي دون زيادة أو نقصان

أرجو التوضيح والتفصيل كما أرجو أن أتلقى الجواب عبر بريدي الألكتروني ولا حرج عندي في نشره للقراء للاستفادة من الموضوع.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالاتفاق على أن المبلغ يكون قرضا وأن لك نصف الربح عقد باطل، لأن القرض عقد إرفاق لا يجوز أن يشترط فيه نفع للمقرض، وكل نفع جره له ذلك القرض فهو ربا. وبما أن العقد فاسد فإنه يلزم صاحبك أن يرد لك رأس مالك وليس لك زيادة على ذلك، ولا علاقة لك بالخسارة إن حصلت مهما بلغت الأرباح والخسائر، ولك الآن أن تطالب برأس مالك.

وأما عن المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي حصلت عليك فإنه لا حرج عليك في ذلك إذا كانت أضرارا مادية كحقوق الدفاع والمقاضاة والتنقلات، أما الأضرار المعنوية أو ما نتج عن مماطلته بالدين فإنه لا يحق لك المطالبة بها في الدنيا، وراجع تفاصيل ذلك في الفتوى رقم: ٩٢١٥.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٢ محرم ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>