للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[القرائن هل تكفي لاتهام المسلم بفعل اللواط]

[السُّؤَالُ]

ـ[كنت مقيما مع إنسان في سكن نأكل ونشرب سوياً، نحافظ على الصلاة، وتجمعنا الصداقة.

لكنني فوجئت يوماً عندما استقيظت من نومي أني أجد في سروالي الداخلي دم. لم أقتنع أن يكون هذا الشخص الذي تجمعنا هذه الصداقة والأكل والشرب والعشرة أن يكون خانني في نومي، واعتدى علي، استبعدتُ هذا الأمر نهائياً. ولكن منذ فترة بدأت المؤشرات تظهر أنه اعتدى علي. علماً بأنني كنت أرسلتُ بسؤال بخصوص هذا الأمر إلى موقعكم الموقر فأفادني المجيب بأنً هذه الدماء قد تكون ناتجة عن بثور.

أنا الآن في أحلك الأيام وأصعبها أعاني من حدوث هذا الأمر الذي أصاب شرفي، وتراودني فكرة الثأر ولو بالقتل لهذا الذئب الذي خانني. كما أنّ خوفي من افتضاح أمري سكاكين تقطّع في جسدي وأنا لست أدري ماذا أفعل: فلا أنا عارف أنام أو آكل أو أشرب. لدرجة أخشى على نفسي من الشرك أوالوقوع فيما لا يرضي الله. علماً بأنني محافظ على صلاتي ولكن هذا الأمر نار لا أستطيع مقاومتها والشعور بالذل والمهانة أمام نفسي. كما إني لا أستبعد أن يكون هذا الشخص قد أخبر أحداً بهذا الأمر. حائر وفي قمة الحزن الذي ملأ عليّ حياتي منذ أن تاكدت أن هذا الشخص الذي كنت أثق فيه يفعل معي هذا الأمر. وكما أسلفت فكرة الانتقام تلح علي بشدة حتى ولو فقدت معها حياتي. ماذا أفعل أو كيف أواجه هذا الأمر، أوأتقبّله خائف من معصية الله ولكنني أعاني من الشعور بالذل والمهانة. أكتب إليكم ودمعي يسيل، وكلما خلوت بنفسي أجد الأفكار وهذا الحدث يطعن شرفي. فبالله عليكم دلوني على حل يرضي الله ويخلصني من هذه النيران. علما بأني في الأربعين من عمري وقد تركت هذا الشخص منذ ثلاث سنوات.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمؤشرات والقرائن لا تفيد اليقين، ولا تكفي للقذف وإثبات تلك الفعلة الشنيعة، وكان عليك أن تتأنى في الأمر وتعلم أنه من الشيطان لينزغ بينكما، ويسول لك اتهامه دون بينة، بل وقتله كما ذكرت عياذا بالله. قال تعالى: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا. {سورة الإسراء ٥٣} .

فاحذره واتخذه عدوا، واتق الله تعالى في نفسك وفي عرض أخيك، ولا تتهمه بما ليس عندك فيه بينة وبرهان وأشد ذلك وأكبر جرما أن تؤذيه بالقول والفعل بناء على تلك الخيالات، فالمرء يكاد يجزم بعدم إمكانية حصول ذلك دون شعور به حتى إنك ذكرت أثر الدم وكيف يحصل ذلك بك وأنت في نوم دون أن تحس بشيء وعلى فرض أنه حصل فعلا فقد مضى والإثم على مرتكبه وإعلانه منك وتحدثك به إنما يفضحك أولا فتصبح حديث الناس بينما لا يعلم أحد الآن بالأمر غيرك.

فلا تفضح نفسك ولا توبقها بارتكاب أشد الجرائم وأفظعها ألا وهو قتل نفس مؤمنة، قال تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا. {سورة النساء ٩٣}

وانظر إلى الفتوى رقم: ٦٥٢١٩.

وإذا ثبت لديك حصول ذلك من زميلك وآثرت أخذ حقك في الدنيا ومعاقبته فليس لك ذلك مباشرة، وإنما عن طريق المحكمة، فترفع الأمر إليها وهي حينئذ تفعل ما تراه بناء على ما يتقرر عندها، وانظر الفتوى رقم: ٢٣٣٧٦، ولمعرفة حكم القذف وخطورته انظر الفتوى رقم: ٩٧٩٢٧.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٧ ذو القعدة ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>