للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بل هي وسوسة من الشيطان]

[السُّؤَالُ]

ـ[سؤالي والعياذ بالله أن أكون من الجاهلين عن شتم إبليس. إنني جديد على الهداية إلى الطريق المستقيم بإذن الله ومشيئته، وليس لي اطلاع كثير على الكتب الإسلامية، ولذلك أسأل أهل الذكر لأجد الجواب، إنني أعرف بأن الله سبحانه وتعالى قال لإبليس إنه رجيم، ولكن هل أمر الله سبحانه وتعالى عباده بلعن إبليس، أم فقط بالاستعاذه منه، سؤالي ناتج عن قراءاتي في القرآن وقصص الأنبياء، لأوضح وجهة نظري، إنني أومن بالقدر خيره وشره، في القرآن آية (قل لا أملك لنفسي نفعا أو ضرا إلا ما شاء الله) وقرأت في قصة سيدنا أيوب أن إبليس استأذن الله بالتسلط على أيوب، فإن كان كل شيء بأمر الله سبحانه وتعالى، وكذلك إبليس يتحرك حسب أوامر الله فكيف نلعنه إذا كان يطيع أمر الله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولكن هذا التساؤل ما زال يدور في رأسي، لا أدري هل هو هداية من الله أم وسوسة من الشيطان؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى قد لعن إبليس، فقال في محكم كتابه كما في سورة الحجر: وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ {الحجر:٣٥} ، وفي سورة ص: وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ {ص:٧٨} ، فلعنه الله ولعنه رسوله صلى الله عليه وسلم بلعنة الله له كما عند مسلم في صحيحه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك. ثم قال: ألعنك بلعنة الله ثلاثاً وبسط يده كأنه يتناول شيئاً، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئاً لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك، قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي، فقلت له: أعوذ بالله منك ثلاث مرات، ثم قلت ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات.. ثم أردت أخذه، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقاً يلعب به ولدان أهل المدينة.

فدل ذلك على جواز لعنه، وإذا دعوت عليه باللعن فإنك دعوت عليه بما قد وقع فيه، وإن أخبرت فإنك قد أخبرت بخبر الله، وانظر الفتوى رقم: ١٨٧٥٦.

وأما كونه يطيع أمر الله فهذا غلط كبير لأن الله لا يأمر بالشرور والفحشاء، كما في قوله تعالى: قُلْ إِنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {الأعراف:٢٨} ، وإنما يأمر بالخير، ولكن لا يحدث شيء إلا بإذنه ومشيئته، كما قال: وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {التكوير:٢٩} ، فهو سبحانه أمر بالخير ونهى عن الشر، وركب في المخلوق ما يميز به بين ذلك، فهو يختار طريق الخير فيطيع الله أو طريق الشر فيعصيه، وهناك فرق بين الأمر الكوني القدري والأمر الديني الشرعي، وللاستزادة في ذلك انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٢٨٥٥، ٢٨٤٧، ٥٦١٧، ٨٦٥٢. ونحوها من الفتاوى الواردة في هذا الموضوع.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ رجب ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>