للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفتاة ليست كالشاب في إمكانية الزواج إذا تقدم بها السن]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب في ٢١ من عمري من فلسطين (والدي من الضفة الغربية ووالدتي من عرب الداخل. أحافظ بفضل الله ومنه على الفرائض والنوافل، صلواتي في المسجد ما استطعت إلى ذلك سبيلا.. منّ الله علي قبل ٣ سنين بحفظ كتابه، مذ كان عمري ١٦ عاما أؤمّ الناس في المسجد، كان أهلي يعيشون في الضفة الغربية وأنا انتقلت في ١٦ من عمري إلى الداخل المحتل (إسرائيل) لأتقدم للثانوية العامة هناك، حيث كنت عند جدي وجدتي، صلب الموضوع أن المدارس في الداخل مختلطة حيث تفرض الدولة العبرية ذلك على المسلمين في الداخل، كما أنها تحاول بكل الوسائل سلخ المسلمين والعرب من دينهم وثقافتهم، وتركز على عنصر الشباب بالطبع. أعجبت بفتاة ممن في صفي، وهي على درجة عالية من الخلق والدين، ومن بيت يشهد له بالخير والصلاح. هدفي كان أخذ العلم فقط (لكننا نقضي يومنا في المدرسة من ٨-١٤) وأحيانا أكثر ...

كنت أدعو الله دائما بأن لا يؤاخذني فيما يملك ولا أملك. حاولت ان أخرجها من رأسي لكن الأمر كان مستحيلا (ما زاد من تعلقي بها هو قلة بل ندرة مثيلاتها ورؤيتي لما يحصل في مجتمعنا) . حين كان عمري ١٧.٥ تحدثت مع والدتي في الموضوع ووعدتني بأن تخطبها لي حينما أصبح في العشرين من عمري، كان حالنا موسرا بفضل الله آنذاك. كان من المفروض أن أبدأ تعليمي مباشرة بعد الثانوية لكن شاء الله أن لا يحصل ذلك. خطيبة خالي كانت في صفي أيضا (هي الآن زوجته) لمست إعجابي بالفتاة وسألتني مباشرة عن الأمر، أنا صراحة لم أستطع إجابتها، لكنها نقلت إلي بعد ذلك أن الفتاة معجبة بي ونقلت للفتاة إعجابي بها. المشكل أن الفتاة كان يتقدم لها كثيرون وهي كانت ترفض، أمها شعرت في الأمر فتكلمت مع ابنتها وأخبرتها الفتاة بالأمر، أنا بحمد الله معروف بأخلاقي في البلد كلها مع أني كنت وحيدا ولم يكن الناس يعرفون أهلي بعد. لم يكن بإمكان أهلي آنذاك أن يخطبوها لي، تكلمت مع والدة الفتاة أنا بنفسي وأخذت مني وعدا إن قدر الله بعد عامين (أي في ال ٢٠) . طرأ طارئ وانتقل أهلي للعيش في الداخل، ساءت الأحوال بسبب الانتفاضة والحصار وما إلى ذلك.. أنا تم رفضي من الجامعة مع أني كنت الأول على مدرستي وأول شاب في منطقتنا يتجاوز حاجز ال ٧٠٠ في إمتحان دخول الجامعات المسمى "بسيكومتري" رفضي كان لأن والدي لا يحمل الجنسية الإسرائيلية، أمر معقد لا يتسع شرحه (والدي يعيش معنا الآن بصورة غير قانونية!!. فجاء القرار الذي أجبرت على اتخاذه بالسفر للخارج وبالتحديد إلى ألمانيا، هذا القرار جاء في العشرين (في الفترة ما بين١٨.٥-٢٠ تحدثت مع أم الفتاة مرة أو اثنتين) كما أنني كنت أتحدث مع الفتاة مرة كل شهر ونصف إلى شهرين فقط لأسمع أخبارها وأشد على يديها، المكالمات كانت وعظا وإرشادا ولم يكن فيها أي من الكلام الذي قد يتبادر إلى أذهان الشباب، أنا وهي وضعنا لأنفسنا حدودا وبحمد الله لم نتجاوزها، فوالله إني أخاف الله ولست بلاعب ولا مستهزئ.

والد الفتاة عرف بالأمر بعد كثرة الطالبين للفتاة، ولم يكن منه إلا أن وافق على الأمر واستحسنه. لكن فكرة السفر لم تكن في الحسبان. أمي لم تستطع في ذلك الوقت أن تخطب لي الفتاة طبعا لأن الأمور لم تسر كما وجب وبذلك وضعت أنا في الزاوية، اضطررت إلى التحدث إلى والدة الفتاة مرة أخرى، وأخذت مني وعدا إلى السنة القادمة، لكن الله يسير الأمور كما يريد هو لا كما نريد.سافرت إلى ألمانيا واستمر الحال كذلك (المكالمات الهاتفية) أيضا بدون تجاوز الحدود التي وضعناها لأنفسنا. وضع أهلي لم يتحسن، هذه الأمور لم تبعدني عن ديني بفضل الله بل ثبت حفظي لكتاب الله وحتى في ألمانيا كنت أحافظ على الصلوات في المسجد وخاصة الفجر رغم بعد المسجد ولا يخفى عليكم الحال في بلاد الغرب. عدت إلى البلاد والكل كان ينتظر أن يتقدم أهلي للخطبة الرسمية (أنا الآن ٢١ والفتاة أنهت سنة أولى في الجامعة) . عندما عدت ورأيت وضع أهلي عرفت أنه لا يمكن أن يحصل أمر في هذا العام. بيتنا كانت السلطات الاسرائيلية تريد هدمه ووضع والدي الذي يعيش عندنا (بالتهريب) وأمور أخرى لا يتسع لها المجال منعت كلها من ذلك..حاولت إقناع والدتي بالحديث مع والدة الفتاة فقط. لكنها أصرت على ألا تفعل. أخبرتها بأن أهلها يعرفون، فطلبت مني أن أعطيها آخر فرصة، أي عام آخر، وسمحت لي حتى بالحديث مع الفتاة إن لزم الأمر لإقناعهم. كان لا بد مني أن آخذ زمام الأمور بيدي؛ لأبين لهم أني لا أتهرب من المسؤولية، فوالله لم أخف على نفسي أن يقال كذب أو وعد وأخلف. ولكن خشيت أن يقال هذا حافظ القرآن فلا عجب بفعل غيره، أنا الآن أدرس الطب في ألمانيا. وأنا والله لست براض عن الطريقة التي سارت بها الأمور. وضميري لا زال يؤنبني، أعلم أني سلكت أو أجبرتني الظروف على سلوك طريق غير مستقيم بعض الشيء فيما يتعلق بالأمر، لكن أرجو من الله أن يغفر لي ويعفو عني وبارك الله فيكم.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عز وجل أن ييسر للأخ أمره، ويعينه على الوفاء بوعده مع هذه الفتاة وأهلها، وما ذكر من أمور تحول بينه وبين الوفاء معهم لا يؤاخذ عليها شرعا؛ لأنها خارجة عن قدرته ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها، واتقوا الله ما استطعتم. ولا يلام عليها عرفا. ولا ننس أن ننبه الأخ إلى أمرين مهمين:

الأول: أن يعلم أن الفتاة أجنبية عنه فلا يجوز له الكلام معها إلا لحاجة. ثانيا: أن يعلم أن الفتاة ليست كالشاب، في إمكانية الزواج، ونعني بذلك أن الشاب يتمكن من الزواج في أي وقت ولو تأخر به العمر، أما الفتاة فإنها تقل نسبة إمكانية زواجها كلما تقدم بها العمر، فليتنبه لهذا. ونسأل الله له التوفيق والسداد وأن يصلح حاله وأحوال شباب المسلمين جميعا. ونوصيه بكثرة الدعاء والالتجاء لله تعالى أن يقدر له ما فيه الخير وأن يرضّيه به.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٨ ذو الحجة ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>