للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تمني البلاء والموت ليس من الهدي النبوي]

[السُّؤَالُ]

ـ[توفي والدي وكان ومازال هو أكثر من أحببت على هذه الدنيا وأكثر من أحبني، توفي منذ ١٢ يوما, ألمي شديد وحزني عليه لا يضاهيه حزن، أتحدث مع من حولي بما أشعر به ولكن لم يفهمني أحد فرأيت أن أكتب إليكم لعلي أجد من يفهمني.

أحمد الله على كل شيء, وأعرف أن لكل أجل كتاب, لا تستقدمون ساعة ولا تستأخرون, مؤمنة بقضاء الله وأدعو له بالرحمة والمغفرة.

لكن.. عندما أكون وحدي يصيبني هاجس لعين, أقول لنفسي معقول هذا خلاص لن أراه ثانية معقول لن أسمع صوته, لا، أكيد أنا أحلم وسأستيقظ وأجد كل هذا حلم وأحس برأسي بتدور وأدوخ كأني في دوامة, وكأني تايهة في الدنيا ولست فيها, نايمة وصاحية, إحساس غريب مهما وصفته لن أعرف أن أوصله مثل ما أحسه.

كنت دائماً أدعو الله أن يطول في عمري لغاية ما أولادي يكبروا وأطمئن عليهم لكي لا يتعبوا من بعدي, لكن فجأة أصبحت أرحب بفكرة الموت وبدأت أوصي أني لما أموت أدفن مع والدي في نفس المقبرة, وأصبحت أتعجل الموت أريد أن أكون معه في نفس المكان, بل والأكثر أني أتمنى وبصدق أن أصاب بنفس المرض الذي أصابه وإني أحس وأعيش نفس الألم الذي أحسه.

يمكن أن يكون الرد لا تفكري مثل هذا التفكير وتمني الموت والمرض حرام واعترض على قضاء الله.

لكن أنا أحمد ربنا على كل شيء والحمد لله ولست معترضة على قضائه والعياذ بالله, كل نفسِ ذائقة الموت, وأحمد ربنا أنه رحمه من الألم والحمد لله هو ميت وهو راضي وحامد ربنا وشاكره، ولم يكن يقول غير الحمد لله حتى في شدة الألم كان يحمد ربنا وكانت آخر عمل له صلاة العشاء قبل دخوله في غيبوبة.

كل الأفكار التي تدور في رأسي وإحساسي ليست اعتراضا على أمر الله, لكني غير قادرة على السيطرة على تفكيري وإحساسي.

هل هذا حرام؟ هل تفكيري هذا ذنب علي لازم أكفر عنه؟ أنا أتكلم بصدق مسألة تمني أني أمرض بنفس مرضه وأني أموت وأدفن معه هذه مسألة لا تفارقني.

أنا أصلي والحمد لله والدي كان السبب في التزامي بالصلاة الله يرحمه ويغفر له ويجعل مثواه الجنة.

أسألكم الدعاء له؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يرحم والدك وأن يرزقكم حسن العزاء وجميل الصبر، ونعزيكم بما ذكرنا في الفتوى رقم: ٧٣٧٩٠ ونفيدكم أن تمني الموت منهي عنه كما في الحديث: لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنيا فليقل: اللهم أحييني ما دامت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي. رواه مسلم.

وبين صلى الله عليه وسلم أهمية طول العمر لمن وفقه الله للطاعة كما في الحديث: خير الناس من طال عمره وحسن عمله. رواه الترمذي وصححه الألباني.

وقد حض صلى الله عليه وسلم على سؤال الله العافية، كما في الحديث: أسألوا الله العفو والعافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية. رواه الترمذي وصححه الألباني.

وقد ذكر النووي في شرح مسلم أنه يكره تمني البلاء لئلا يتضجر منه ويسخطه.. انتهى.

وبناء عليه؛ فإن من الخطأ تمني الموت والإصابة بمثل مرض الوالد، وعيكم أن تكثروا الترحم والاستغفار له والتصدق عنه والحج والاعتمار إن تيسر، واشتغلوا بتربية الأبناء تربية شرعية لعل الله يجعل فيهم خلفا عن الوالد.

وراجعي الفتوى رقم: ١٢٤٨٢٣.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٧ ذو القعدة ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>