للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التوبة وفعل الصالحات وترك القنوط من رحمة الله]

[السُّؤَالُ]

ـ[ذنوبى كثيرة كما أنني تربيت من حرام وأنا الآن حالتي لا تسر لا عدوا ولا حبيبا والحمد لله على كل حال، فلا علم حصلت عليه ولا عمل يعينني على الدنيا ولا حتى صحة وأدعو الله العلي القدير أن يمن علي بزوج صالح يصلح به أحوالي، فهل أمنع الزوج الصالح بسوء ما عندي وأهلي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجب على من عظمت ذنوبه وكثرة أوزاره أولاً أن يبادر بالتوبة إلى مولاه، فالله سبحانه واسع المغفرة يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، وقد وعد سبحانه من تاب وآمن وعمل صالحاً بقبول توبته والتجاوز عن سيئاته، بل وتبديل سيئاته إلى حسنات، قال الله تعالى: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:٧٠} ، وقد جاء في الحديث القدسي الذي رواه الترمذي وغيره وحسنه الألباني: قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة.

فعليك أن تلزمي التوبة، وأن تكثري من الأعمال الصالحة، وأن لا تقنطي من رحمة الرحمن الرحيم، الذي وسعت رحمته كل شيء، والذي كتب على نفسه الرحمة، والذي سبقت رحمته غضبه، واعلمي أن القنوط واليأس من رحمة الله من الكبائر، وهو أشد وأعظم من الذنب نفسه، قال الله تعالى: إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:٨٧} ، وقال تعالى: قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَاّ الضَّآلُّونَ {الحجر:٥٦} .

أما بالنسبة للزوج الصالح فأكثري من الدعاء أن يرزقك الله به فالله سبحانه غني كريم يجيب دعوة السائلين، قال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:٦٠} ، وخزائن السماوات والأرض بيده سبحانه، وهو على كل شيء قدير، لكن عليك أن تعلمي أيتها السائلة أن الاستقامة على أمر الله سبحانه من أعظم أسباب إجابة الدعاء، ولذا قال سبحانه: وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ {الشورى:٢٦} ، قال ابن كثير: قال السدي: يعني يستجيب لهم، وكذا قال ابن جرير: معناه يستجيب الدعاء لهم (لأنفسهم) ولأصحابهم وإخوانهم. انتهى، وللفائدة في الموضوع تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: ١٠٤٥٢٠، ١٠٤٤٤٤، ٩٤٠٢٩.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٩ ذو القعدة ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>