للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم بيع الغلال لمن يستعملها في مجالس الخمر]

[السُّؤَالُ]

ـ[لي صديق مهنته بيع الخضر والغلال وهو في حيرة من أمره لأنه متأكد أن الكثير من الزبائن يستعملون تلك الغلال في مجالس الخمر، فما كان منه إلا أن امتنع عن بيع بعض الغلال للزبائن المتأكد من فسقهم، هذا الحل أوجد له بعض المشاكل إذ اشتكى بعضهم إلى السلطات المعنية بأنه يمتنع عن بيع ما عرضه من سلعة [وهذا مناف للقانون التونسي] ، لكن هذا الرجل خاف على نفسه وامتنع عن بيع الغلال كلها ولم يبق إلا الخضروات التي لا تدر إلا القليل جدا من المال، فما هو الحل، جزاكم الله خيراً هل يواصل البيع أم لا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقولك أخي الكريم: يستعملون تلك الغلال في مجالس الخمر. يحتمل: أن المراد به أنهم يتناولون تلك الغلال في مجالس يشربون فيها الخمر، ويحتمل أن المراد به أن الغلال هي مما يعصر منه الخمر كالعنب والشعير، وأنهم يعصرونها خمراً لمجالسهم، فإذا كان الأمر هو الأول فلا حرج في بيع الغلة لمن هذا حاله، لأن المعصية ليست في الغلال التي يبيعها لهم، وليس في ذلك إعانة على شرب الخمر، وإذا كان الثاني فله حالات:

الأولى: أن يعلم أو يغلب على الظن أن من يشتري الغلال سيعصرها خمراً، فلا يجوز بيعها له، فقد روى الحاكم من حديث بريدة رضي الله عنه أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: من حبس العنب أيام القطف حتى يبيعه من يهودي أو نصراني، أو ممن يتخذه خمراً، فقد تقحم النار على بصيرة. ورواه الطبراني والبيهقي من حديث ابن أبي خيثمة، وحسنه الحافظ ابن حجر. والله جل وعلا يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:٢} .

والثانية: أن يعلم أو يغلب على الظن أن من يشتري الغلال سيستخدمها في المباح فلا حرج في بيعها له.

والثالثة: ألا يكون كالحالتين السابقتين، فالأصل في ذلك الإباحة ولا ينتقل عنه إلا بيقين أو غلبة ظن.

وعليه، فنقول لهذا الأخ بع الغلال إذا كان الأمر على ما هو مبين في الحالتين الأخيرتين، ولا تبعها إذا كانت على الوضع المذكور في الحالة الأولى، ولا تطع السلطات في البيع لمن يعصر خمراً لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٩ جمادي الأولى ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>