للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حلول عملية للمقيمين في بلاد الكفر لتجنب الفواحش]

[السُّؤَالُ]

ـ[لقد أرسلت إلى حضراتكم سؤالا لكن للأسف لم أتلق الإجابة، أنا شاب مسلم عمري٢٠ عاماً أعيش في أوروبا للدراسة، لقد وقعت في الفاحشة ومارست الزنا والعياذ بالله، ولكن ليس بشكل كامل أحس أن الله يعاقبني في دنياي قبل آخرتي، كيف يمكنني التكفير عن ذنبي والتغلب على رغبتي الجنسية بما يرضي الله فهي تنغص علي عيشي ولا أستطيع كبح جماحها، مع العلم بأنه يجب علي الاحتكاك بالمجتمع الفاسق فالله أنعم علي بعمل إلى جانب دراستي، وأعلم أيضا أنه من المستحيل أن أتزوج قبل ١٠ أعوام على الأقل بسبب الدراسة والعجز المادي، أستحلفكم بالله الإجابة بحلول عملية، فمشكلتي تقض مضجعي ومصيري كمسلم متعلق بها؟ وجزاكم الله كل خير وأثقل ميزان حسناتكم بكل حرف أعاد ضالا إلى هداه.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الزنا من كبائر الذنوب، ولقد توعد الله فاعليه بالعذاب الشديد، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٣٢٦٤٧، ١٦٦٨٨، ١٦٠٢، ١٩٨١٢، ١١٠٣٨، ٤٤٥٨.

هذا وإن كان بقاؤك في أوروبا للدراسة وبدون زواج سيعرض دينك للخطر، فإن الواجب عليك العودة إلى بلاد المسلمين فوراً، فإن السلامة لا يعدلها شيء، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٣٧٤٧٠، ١٠٠٤٣، ٤٧٠٢٦.

وعلى من ألم ببعض ذلك أن يبادر بالتوبة قبل أن يدهمه الموت، فإنه يأتي فجأة ووقتها لا ينفع الندم، وانظر شروطه التوبة النصوح في الفتوى رقم: ٩٦٩٤، والفتوى رقم: ٥٤٥٠.

وأما إن رغبت في إكمال دراستك في أوروبا فبادر بالزواج من امرأة صالحة تستعفف بها عن الحرام، ولا تتعلل بضيق ذات اليد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم -وذكر منهم: الناكح الذي يريد العفاف. رواه الترمذي وحسنه.

بل قد يكون الزواج من أسباب سعة الرزق، فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف بإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تزوجوا النساء فإنهن يأتينكم بالمال. انظر الفتوى رقم: ٧٨٦٣.

ونذكر أنه لا يجوز لك البقاء في بلاد الكفار بدون زوجة وأنت تخشى على نفسك العنت والوقوع في الحرام، ولا تستطيع الاستقامة على أمر الله عز وجل، فإما أن تتعفف بزوجة وتكمل دراستك، وإما أن ترجع إلى بلاد المسلمين وتحفظ دينك في الحالين.

وإلى أن يتم زواجك فأكثر من الصيام، فإن له تأثيراً بالغاً في كسر حدة الشهوة وكبح جماحها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.

وتجنب الاجتماع بالنساء الأجنبيات، وغض بصرك عنهن، فقد قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:٣٠} ، واسأل الله أن يشرح صدرك وينور قلبك وأن يصرف عنك شر الشيطان وشر نفسك، ومن أهم ما يُدعى به الدعاء المأثور في صحيح مسلم: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. والدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال له: يا رسول الله علمني دعاء أنتفع به، قال: قل اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي وبصري وقلبي ومنيي -يعني فرجه-. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني.

ودعاء الخروج من المنزل الذي أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني، واللفظ لأبي داود: إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: هُديت وكُفيت ووُقيت وتنحى عنه الشيطان.

واجتهد في اتخاذ رفقة صالحة من الشباب المستقيم المتمسك بالدين، فإن صحبتهم من أعظم أسباب الاستقامة بعد عون الله تعالى، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وأخيراً انظر الفتوى رقم: ٣٤٩٣٢.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٣ رجب ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>